لكن، وفقًا لما كشفه الصحفي الفرنسي هيرفي بينو، المتخصص في كرة القدم الإفريقية بصحيفة "ليكيب"، فإن حكيمي الشاب مرّ بفترة تردّد وابتعد تمامًا عن التواصل مع مسؤولي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وتوقف عن الرد على مكالمات الكشاف الذي كان مكلفًا بمتابعة المواهب مزدوجة الجنسية في اسبانيا.
وأشار بينو في "بودكاست" خاص بالصحيفة لفرنسية المتخصصة، إلى أن حكيمي تلقى في تلك الفترة اتصالات من المنتخب الإسباني، ما جعله يفكر مستقبله الدولي، عند هذه النقطة، تدخّل ناصر لارغيت، المدير التقني الوطني آنذاك، ونظم اجتماعًا في أحد فنادق مدريد حضره حكيمي، ووالده، ووكيلاه الإسبانيان.
وبحسب الرواية التي نقلها بينو، فإن حكيمي كان "خائفًا بعض الشيء"، على الرغم من "عشقه المطلق" للمنتخب المغربي. كان يخشى أن يؤدي اختياره للمغرب إلى تعقيد مسيرته مع ريال مدريد، وسط منظومة كروية لا ترحم.

في ذلك الاجتماع، وقبيل خروجه لحضور موعد آخر في الفندق نفسه، توجه لارغيت إلى حكيمي بكلمات بدت حاسمة في مسار اللاعب الدولي: "أمنحك نصف ساعة لتفكر.. سأنهي اجتماعي الآخر وأعود لأسمع قرارك، فقط تذكّر أننا إن اخترت إسبانيا، سنظل أول المشجعين لك، لأنك تبقى مغربيًا. وإن اخترت المغرب، فسنكون أسعد الناس على وجه الأرض."
عندما عاد لارغيت بعد الموعد، وجد حكيمي قد حسم أمره: سيلعب للمغرب، لم تمر فترة طويلة حتى استُدعي لأول مرة في غشت 2016، وشارك لأول مرة بقميص "أسود الأطلس" في أكتوبر من العام نفسه تحت قيادة هيرفي رونار، خلال مباراة ودية ضد كندا انتهت بفوز المغرب 4-0، كانت البداية الرسمية لمسيرته الدولية التي بلغت اليوم 83 مباراة و10 أهداف.
لكن لحظة التردد لم تنته هناك.. فبعد فترة قصيرة، شارك حكيمي في اختبار رفقة المنتخب الإسباني، وخرج من التجربة "مهزوزًا بالكامل"، بحسب بينو، لدرجة أنه عاد لدوامة الشك.
مرة أخرى، كان لارغيت حاضرًا ليمنحه دفعة نفسية أخيرة، بكلمات اتسمت بالوضوح: "المكان الوحيد الذي تملك فيه فرصة حقيقية للعب باستمرار هو المنتخب المغربي"، في إشارة إلى صعوبة فرض نفسه في تشكيلة إسبانيا المليئة بالنجوم، وعلى رأسهم داني كارفاخال وناتشو.
وبفضل هذا التوجيه والدعم النفسي، رسّخ حكيمي قراره، وأصبح اليوم قائدًا للمنتخب المغربي، وأحد رموزه، وركيزة أساسية في مشروعه الكروي المستقبلي، وهو على بُعد أيام فقط من خوض أول نهائي له في دوري أبطال أوروبا ضد فريقه السابق إنتر ميلان، بقميص باريس سان جيرمان.