أكد نجم كرة القدم الإيطالية المعتزل روبرتو باجيو أن مسيرته لم تُبْنَ على كرة القدم والنجاحات الرياضية فحسب، بل على سلسلة من التحولات الإنسانية والروحية العميقة التي شكّلت وعيه ونظرته للعالم. وشدّد على أن الإيمان بالقيم، وقوة العائلة، والالتزام الروحي كانت عناصر أساسية في رحلته.
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية ضمن أعمال القمة العالمية للرياضة في دبي، حيث استعرض محطات مفصلية من حياته الشخصية والمهنية، مؤكداً أن بدايات التغيير الحقيقية انطلقت منذ خروجه من المنزل الصغير الذي نشأ فيه مع أسرته. وأوضح أن العيش في مساحة بسيطة كان جزءاً طبيعياً من أسلوب حياتهم، لكن الانتقال لاحقاً فتح أمامه آفاقاً جديدة وغير نظرته للحياة بشكل جذري.
وأشار باجيو إلى أن تلك المرحلة زرعت داخله إحساساً عميقاً بالمسؤولية تجاه أسرته وأبنائه، مؤكداً أن توعيتهم وإعدادهم للمستقبل كان هدفاً أساسياً، لأنهم يمثلون الامتداد الحقيقي لأي إنسان، وأن هذا الوعي ساعدهم على بلوغ ما هم عليه اليوم.وتطرق إلى حادثة صعبة صيف العام الماضي، عندما تعرّض منزل العائلة للسرقة، واصفاً إياها بأنها صدمة إنسانية قاسية. وأوضح أن طريقة تعامل أسرته مع الموقف تركت أثراً عميقاً داخله، وعززت الروابط الأسرية بينهم، مؤكداً أن بعض الأحداث المؤلمة قد تكون نقطة انطلاق لتغييرات ضرورية في الحياة.
ومنذ مارس الماضي، عاد باجيو إلى نمط حياة أكثر استقراراً، حيث يعمل مع ابنته فالانتينا باجيو التي تتولى إدارة بعض شؤونه المهنية، مستفيدين من خبرات في العلاقات العامة، والعمل مع المؤثرين، وإدارة المحتوى الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل منظم وفعّال. وأكد أن العلاقة التي تجمعه بابنته تعكس عمق الترابط العائلي في المجتمع الإيطالي، لتصبح شراكة قائمة على الاحترام والتفاهم، وتجسيداً لقدرة الماضي على التعايش مع المستقبل بروح إيجابية.
وعن تأثيره في عالم كرة القدم، أشار باجيو إلى أنه التقى خلال السنوات الماضية بعدد كبير من نجوم وأساطير اللعبة من مختلف الأجيال، مؤكداً أن تلك اللقاءات كانت عاطفية ومؤثرة وتعكس حجم المحبة والتقدير الذي يحظى به، وأنه يسعى دائماً للتصرف بشغف وانفتاح، وأن يكون أفضل نسخة من نفسه داخل الملعب وخارجه.
وتطرق أيضاً إلى الفارق بين الماضي والحاضر في كرة القدم الإيطالية، مشيراً إلى أن المنتخبات في أعوام 1990 و1994 و1998 كانت تُبنى على هيكل أساسي واضح، في حين أصبح هذا النهج اليوم أكثر صعوبة، داعياً إلى تقليل الاعتماد على اللاعبين الأجانب ومنح فرص أكبر للمواهب المحلية الشابة لمعالجة التراجع الحالي. وأوضح أن عدد اللاعبين الإيطاليين المشاركين بانتظام في الدوري المحلي بات أقل بكثير مما كان عليه، وأن غياب الفرص الحقيقية أمام الشباب يمثل أحد أبرز التحديات الراهنة.
وفي جانب إنساني وروحي، شدد باجيو على أن التحول الأكبر في حياته كان على المستوى الروحي، موضحاً أنه يمارس البوذية منذ 38 عاماً، وأن هذا الالتزام غيّر حياته بشكل جذري وعميق. وأضاف أن البوذية ليست مجرد معتقد ديني، بل أسلوب حياة متكامل ساعده على فهم ذاته والآخرين، والتعامل مع الضغوط والتحديات بهدوء ووعي، كما منحته قدرة أكبر على التوازن الداخلي والتسامح والنظر إلى الصعوبات كفرص للتعلّم والنمو.
واختتم باجيو حديثه بالتأكيد على أن العمل مع العائلة يتطلب جهداً مضاعفاً، لكنه يحمل قيمة إنسانية كبيرة، مشدداً على أن الجمع بين الخبرة الرياضية، والإدارة الحديثة، إلى جانب الالتزام بالقيم الإنسانية، والوعي، والمسؤولية، هو الطريق للحفاظ على إرث أي أسطورة ومواصلة التأثير الإيجابي في الأجيال المقبلة.
روبرتو باجيو: الاعتماد على اللاعبين الأجانب وراء تراجع منتخب إيطاليا
روبرتو باجيو، أسطورة كرة القدم الإيطالية، يكشف كيف شكلت القيم الروحية والعائلية مسيرته الإنسانية والرياضية، مؤكداً أن التوازن الداخلي والالتزام بالقيم أساس النجاحات.