فإلى جانب إشادة المتابعين بقدراته التهديفية، حظي رونالدو أيضاً بإشادة أخرى بصفته رجل أعمال، إثر إطلاقه مشروع نادٍ خاص فاخر في مدريد موجّه لفئة محدودة من الزبائن. وفي الوقت نفسه، تلقى خبراً ساراً على الصعيد الرياضي، بعدما قررت فيفا الاكتفاء بإيقافه مباراة واحدة فقط، على خلفية البطاقة الحمراء التي حصل عليها أمام إيرلندا الشمالية قبل أيام، إثر توجيهه ضربة بالكوع لديرا أوشي.
أول طرد في 226 مباراة دولية
في البرتغال، لم تمر اللقطة مرور الكرام، إذ تعرض رونالدو لانتقادات بسبب “التهوّر” في مباراة سبقت مواجهة مهمة أمام أرمينيا. وكان النجم البرتغالي مهدَّداً بعقوبة تصل إلى ثلاث مباريات، ما كان سيحرمه من خوض مباراتين في كأس العالم 2026، بما أن فترة التوقف في مارس المقبل مخصَّصة لمباريات ودية.الاتحاد البرتغالي لكرة القدم تحرك بقوة للدفاع عن قائده، مذكِّراً في ملفه التأديبي بأن الأمر يتعلق بأول حالة طرد لرونالدو في 226 مباراة دولية، وأن سجله مع المنتخب كان نظيفاً من العقوبات الخطيرة قبل هذه الواقعة. من جهته، لم يتردد روبيرتو مارتينيس، مدرب المنتخب البرتغالي، في الدفاع عن لاعبه أمام وسائل الإعلام، مشدداً على أهميته داخل الفريق، رغم الأصوات التي تطالب بعدم الاعتماد عليه أساسياً.
وقال مارتينيس في هذا السياق: «لكل واحد رأيه. عندما نفوز ويسجل كريستيانو، تتساءل الصحافة عمّا سنفعله بدونه. وعندما لا يسجل، يصبح السؤال: كيف يمكننا الفوز بلاعب يبلغ 40 عاماً؟ الأمر أبسط بالنسبة لنا: إنه يلعب لأنه سجل 25 هدفاً في آخر 30 مباراة».
وفي النهاية، حسمت فيفا الأمر بإيقاف رونالدو مباراة واحدة فقط، مع تعليق تنفيذ مباراتين إضافيتين كعقوبة مع وقف التنفيذ. وجاء في بيان الاتحاد الدولي: «وفقاً للمادة 27 من القانون التأديبي لفيفا، تم تعليق تنفيذ المباراتين المتبقيتين لمدة عام واحد. وإذا ارتكب كريستيانو رونالدو مخالفة أخرى من نفس الطبيعة والحدة خلال فترة الاختبار، فسيُفعَّل الإيقاف فوراً، وسيتعيّن عليه تنفيذ المباراتين في أقرب مباريات رسمية للمنتخب».
وبذلك يكون رونالدو قد أنهى عقوبته بالفعل، بعدما غاب عن الفوز الكاسح 9-1 على أرمينيا، ليصبح مؤهلاً للمشاركة في كأس العالم 2026.
اتهامات بـ"المعاملة الخاصة"
في البرتغال، رحبت صحيفة "ريكورد" بقرار فيفا، وإن لم تُخفِ دهشتها من تخفيف العقوبة، معتبرة أن التوقعات كانت تسير نحو إيقاف أطول. وكتبت الصحيفة أن العقوبة “مثلما صدرت” تسمح لرونالدو بالمشاركة في مونديال 2026، بعدما “طوى” عقوبة الإيقاف في لقاء أرمينيا.
أما صحيفة "أ بولا"، فكانت أكثر حدة، إذ نقلت عن الصحافي ألكسندري تيكسييرا قوله: «فيفا تعتمد مكيالين. لا أعتقد أن أي لاعب آخر غير رونالدو كان سيُغفر له بهذه السهولة».
الجدل لم يقتصر على البرتغال. ففي إيرلندا الشمالية، ذكّرت "بي بي سي" بأن التصرفات العنيفة تُعاقَب عادة بثلاث مباريات إيقاف، معتبرة أن تحويل جزء من العقوبة إلى فترة اختبار يمثّل استثناءً مثيراً للتساؤلات.
وفي إنجلترا، ركّزت صحيفة "دايلي ميل" على توقيت إعلان القرار، مشيرة إلى أن فيفا سمحت لرونالدو بالمشاركة في المباراة الافتتاحية لكأس العالم بفضل “قرار غير مسبوق”، جاء بعد أسبوع فقط من لقائه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ربط بين القرار ولقائه بترامب
الصحيفة البريطانية أشارت إلى أن فيفا اتخذت قراراً “نادراً” بالاكتفاء بإيقاف مباراة واحدة، مراعية كون هذه البطاقة الحمراء هي الأولى لرونالدو مع المنتخب، في مسيرة دولية طويلة. وذكّرت بأنه طُرد 12 مرة بقميص الأندية، قبل أن تقارن وضعه بحالة رحيم سترلينغ، الذي نال مباراة واحدة فقط من الإيقاف إثر طرده في مباراة تحضيرية قبل مونديال 2014، مع الإشارة إلى أن الإيقافات لا تُطبَّق على المباريات الودية وإنما على الرسمية فقط.
أما موقع "IPaper" البريطاني، فذهب أبعد في النقد، معتبراً أن “العفو الجزئي” عن رونالدو “مخيّب للآمال”، وذكّر بحضوره مؤخراً في واشنطن إلى جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ورئيس فيفا جياني إنفانتينو، إلى جانب إيلون ماسك خلال حفل عشاء رسمي. ورأى الموقع أن اتاحة مشاركة أحد أبرز نجوم البطولة في المونديال توجّه رسالة واضحة حول الفجوة الكبيرة في التعامل مع الملفات التأديبية، واصفاً القرار بأنه “فضيحة” تمس مبدأ المساواة في تطبيق اللوائح.
انتقادات من الأرجنتين وإسبانيا وإيطاليا
في الأرجنتين، حيث يُتابع رونالدو دوماً من زاوية المقارنة مع ليونيل ميسي، عبّرت صحيفة "Olé" عن دهشتها من تخفيف العقوبة، بعدما كانت التقديرات الأولية تشير إلى إمكانية غيابه عن مباراتين من دور المجموعات في كأس العالم.
في إسبانيا، عنونت صحيفة "آس" على ما سمّته “الحيلة التي ستسمح لرونالدو بالمشاركة في كأس العالم”، في إشارة إلى اللجوء إلى آلية الإيقاف مع وقف التنفيذ. وفي إيطاليا، انتقد "كوريري ديلو سبورت" ما وصفه بـ"مكيالين من إنفانتينو"، وسأل بلهجة استنكارية:
«هل كان من الممكن فعلاً أن يُحرم اللاعب الذي يعرفه العالم بأسره، والذي يلعب في السعودية، من المشاركة في أكبر عرض كروي في العالم؟ الجواب كان واضحاً: لا».
الصحيفة الإيطالية اعتبرت أن فيفا “منحت عفواً عملياً” لرونالدو، إذ تمت معاقبته بمباراة واحدة فقط – كان قد غاب عنها سلفاً أمام أرمينيا في لقاء شبه تحصيل حاصل – بينما جُمِّدت المباراتان الأخريان، لتنتهي القصة مؤقتاً مع تأمين مشاركة النجم البرتغالي في كأس العالم 2026، وإن بقيت علامات الاستفهام معلّقة حول مبدأ العدالة في التطبيق الصارم للوائح التأديبية.