من أكاديمية محمد السادس إلى رين.. أيت بودلال يلفت أنظار كبار أوروبا

عبد الحميد أيت بودلال، مدافع مغربي من خريجي أكاديمية محمد السادس، يفرض نفسه تدريجياً في دفاع رين بفضل قوته البدنية وحضوره التقني، من انطلاقة مذهلة أمام موناكو إلى أول استدعاء للمنتخب الأول، مع ترقب لدوره في كأس أمم إفريقيا المقبلة.

من أكاديمية محمد السادس إلى رين.. أيت بودلال يلفت أنظار كبار أوروبا
يواصل المدافع المغربي الشاب عبد الحميد أيت بودلال ترسيخ اسمه كأحد أبرز المواهب الصاعدة في أوروبا، بعد الأداء اللافت الذي قدّمه مع رين أمام موناكو، في المباراة التي انتهت بفوز الفريق البريتون بأربعة أهداف لواحد، ضمن الدوري الفرنسي.

ابن مراكش، البالغ من العمر 19 سنة، خطف الأضواء في الدقيقة العشرين من المواجهة، حين حوّل كرة بسيطة من حارس فريقه بريس سامبا إلى هجمة خاطفة أنهت دفاع موناكو وفتحت الطريق أمام انتصار كبير. بدأ الهجمة من عمق دفاعه، دخل في تبادل ثنائي مع زميله بريميسواف فرانكوفسكي لتجاوز ثلاثة لاعبين دفعة واحدة، ثم تقدم بالكرة في مساحة مفتوحة قبل أن يمرر إلى بريل إمبولو، الذي مهّد بدوره لمهدي كامارا. أيت بودلال لم يكتفِ بالتمرير، بل واصل اندفاعه حتى مربع العمليات، ليصطدم به عرضية كامارا وتتحول من فخذه إلى الشباك.

ثقة المدرب حبيب بيي



مدرب رين، حبيب بيي، لم يُخف إعجابه بخصائص مدافعه الشاب، قائلاً بعد المباراة إن اكتشاف قيمة اللاعب بدأ من التدريبات:

أوضح بيي أن الطاقم التقني لاحظ مبكرًا أنه عندما تتوفر أمام أيت بودلال مساحة 30 مترًا للتقدم، "لا شيء يوقفه"، وهو ما دفعه إلى استغلال هذه القدرة بمنحه حرية أكبر للتوغل بالكرة وكسب أفضلية عددية في وسط الملعب، مع العمل في المقابل على "تأمين ظهره" تكتيكيًا عندما يتقدم.

ورغم أن مركزه الأصلي هو قلب الدفاع، إلا أن حضوره البدني وسرعته وقدرته على الخروج بالكرة جعلته ركيزة مهمة في الخط الخلفي إلى جانب جيريمي جاكيه ولِليان براسييه.

من أكاديمية محمد السادس إلى رادار عمالقة أوروبا



مسار أيت بودلال يعكس مرة أخرى قوة مشروع أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي باتت ترفد أوروبا بأسماء بارزة. فقد انتقل اللاعب إلى رين صيف 2024 بعقد يمتد لأربع سنوات، قادمًا من الأكاديمية في الرباط، بعد أن لفت الأنظار خلال جولة ودية للأكاديمية في أوروبا.

في تلك الفترة، دخل المدافع المغربي الشاب رادار عدة أندية كبيرة؛ من بينها ليفربول ومانشستر سيتي وتشيلسي وأتلتيكو مدريد وكوبنهاغن، قبل أن يحسم خياره لصالح رين. ويُحسب للمسؤول عن الاستقطاب في الفئات السنية بالنادي، فيليب بارو، أنه أوصى بالتعاقد معه، ليتبنى الملف المدير الرياضي السابق فلوريان موريس، الذي كان مقتنعًا بأن نموذج نايف أكرد يمكن تكراره مع مدافع مغربي آخر قادم من الأكاديمية ذاتها.

إعارة ناجحة وتجربة نضج في أميان



التحولات التي عرفها رين الموسم الماضي، وضغط النتائج، جعلا منح الفرصة المبكرة للشباب أمراً معقداً، فاختار النادي إعارة أيت بودلال إلى أميان في دوري الدرجة الثانية. هناك، ترك اللاعب انطباعاً قوياً لدى مدربه عمر داف، الذي أشاد بروحه القتالية وأسلوبه في الالتحام وسرعته وقوته، إلى جانب تقنيته العالية وشخصيته في الملعب، رغم هدوئه خارج المستطيل الأخضر.

هذه التجربة صقلت جانبه التنافسي، ومنحته نضجاً أكبر، ما ساعده على العودة إلى رين أكثر جاهزية لتحمّل مسؤوليات الدفاع عن قميص الفريق الأول.

من الطرد الأول إلى أبواب الكان



لم تكن بداية أيت بودلال في "الليغ 1" مفروشة بالورود، إذ تعرّض للطرد في أول ظهور له في الدوري أمام أولمبيك مارسيليا في 15 غشت، بعد تدخل قوي على أمير مورييو. أعقب ذلك إيقاف وإصابة عضلية أبعدته عن الملاعب لفترة، قبل أن يعود تدريجياً إلى التشكيلة الأساسية في فترة حساسة كان فيها رين تحت ضغط النتائج.

منذ نهاية أكتوبر، بدا أن صفحة البداية الصعبة طُويت؛ سجّل أول هدف له في الدوري الفرنسي أمام نيس بضربة رأسية، قبل أن يستفيد من إصابة نايف أكرد لنيل أول استدعاء مع المنتخب المغربي الأول في المباراة الودية أمام أوغندا، التي انتهت برباعية نظيفة لأسود الأطلس.

اليوم، يجد أيت بودلال نفسه مرشحاً طبيعياً لدخول قائمة المنتخب الوطني لكأس أمم إفريقيا المقررة بين 21 دجنبر 2025 و18 يناير 2026، مع قناعة لدى مدربه بيي بأنه "لا يزال لاعباً من جيل 2006 سيواصل ارتكاب الأخطاء، لكن يجب قبول ذلك وتركه ينمو".

عقد طويل ومشروع مستقبلي



يرتبط أيت بودلال بعقد مع رين حتى سنة 2028، مع وجود مفاوضات لتمديده قيد الدراسة، في ظل قناعة متزايدة داخل النادي بأن المدافع المغربي يمكن أن يصبح إحدى ركائز الفريق وقصص نجاحه القادمة، وربما أحد الأسماء التي ستجذب اهتمام كبار أوروبا بشكل أكبر في المواسم المقبلة.