"كان موروكو"...حين تتحول لحظة الوصول إلى رسالة تعكس الخصوصية الإفريقية

قبل أن تبدأ الخطط التكتيكية وتُعلَن التشكيلات، وجّهت إفريقيا رسالتها الأولى في كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب، عبر الأقمشة والألوان والرموز الثقافية، مؤكدة أن البطولة القارية تظل مساحة للاحتفاء بالهوية بقدر ما هي منافسة كروية.

"كان موروكو"...حين تتحول لحظة الوصول إلى رسالة تعكس الخصوصية الإفريقية
تُطلق القارة الإفريقية رسالتها الأولى، بعيداً عن الخطط التكتيكية وقوائم التشكيلات والندوات الصحفية، وذلك قبل ساعات فقط من انطلاق نهائيات النسخة الـ35 من مسابقة كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب.

وتأتي هذه الرسالة عبر الأقمشة والألوان والتعبير الثقافي، في مشهد يعكس خصوصية البطولة القارية الأبرز، التي لطالما شكّلت فضاءً مفتوحاً للاحتفاء بالهوية الإفريقية.

ومع توافد بعثات المنتخبات على مختلف المدن المغربية، تحولت المطارات ومداخل الفنادق إلى منصات نابضة بالهوية الإفريقية، في تذكير واضح بأن كأس أمم إفريقيا، تبقى بطولة لا تشبه أي تظاهرة كروية أخرى في العالم.

ويجد الحدث القاري تعبيره الأكثر صدقاً خارج المستطيل الأخضر، حين تختار المنتخبات الوصول مرتدية أزياءها التقليدية، مستغلة المنصة العالمية للبطولة لإبراز التاريخ والانتماء والذاكرة الجماعية.

وفي تناقض واضح مع البطولات الكبرى الأخرى، حيث تصل المنتخبات بملابس موحدة وحضور صامت، تؤكد كأس أمم إفريقيا مرة أخرى أنها منافسة متجذرة في الهوية بقدر ارتباطها بكرة القدم.

"كان موروكو"...حين تتحول لحظة الوصول إلى رسالة تعكس الخصوصية الإفريقية


مالي: "البوغولان" كذاكرة ومقاومة وفخر

لفت وصول منتخب مالي الأنظار بظهوره بأزياء "البوغولان" التقليدية ذات الألوان الترابية العميقة.

وعكست الأقمشة المنسوجة يدوياً والزخارف الرمزية تقاليد نسيجية تعود لقرون، تحمل كل نقش فيها دلالات مرتبطة بالقوة والحماية والانتماء للأجداد.

ويُعد "البوغولان"، المصبوغ بالطين المخمّر، أكثر من مجرد لباس، إذ يختزل تاريخاً من المقاومة وحكايات الصيادين والمحاربين.

وجسّد هذا الاختيار رسالة تتجاوز الجانب الجمالي، خاصة في ظل إعلان مالي سنة 2025 "عاماً للثقافة"، ليصبح الوصول إلى كأس أمم إفريقيا تأكيداً على تلاقي كرة القدم والتراث.

البنين: هيبة هادئة وأناقة احتفالية

اختار منتخب البنين الهدوء لغةً لحضوره الأول في المغرب، حيث ظهر "الفهود" بأزياء احتفالية واسعة، تميزت بخطوط نظيفة ونقوش دقيقة ارتبطت تاريخياً بالكرامة والتقاليد الملكية في الثقافة البنينة.

ووازن التصميم بين الأصالة والأناقة العصرية، ليعكس ثقة رصينة انسجمت مع طريقة استعداد المنتخب لانطلاق مشواره في بنسليمان.

زيمبابوي: حداثة مفصّلة بروح وطنية

جسّد وصول منتخب زيمبابوي التقاء الحداثة بالتقاليد، بارتداء "المحاربون" سترات احتفالية موحدة، حملت ألوان المنتخب ورموزه الوطنية بأسلوب أنيق وغير مبالغ فيه.

وعكست اللمسات الدقيقة في الإكسسوارات صورة فريق منظم ومتماسك، في رسالة تؤكد الحضور بعزم ووحدة وتركيز كامل.

بوركينا فاسو: البساطة عنوان القوة

اعتمد منتخب بوركينا فاسو أسلوباً هادئاً وبسيطاً في وصوله، حيث برزت الأزياء التقليدية ذات اللون الكريمي، المرفقة بتطريزات ذهبية عند الياقة، في إشارة إلى الزي الاحتفالي لمنطقة الساحل.

ومنحت الألوان الهادئة إحساساً بالسكينة، بينما عزز التناسق الجماعي صورة فريق متوازن ومستعد.

نيجيريا: تراث أخضر بثقة عالية

حافظ منتخب نيجيريا على سمعته في الحضور اللافت، عبر أزياء تقليدية باللون الأخضر الداكن.

وحملت القمصان تطريزات مستوحاة من ثقافات اليوروبا وشمال نيجيريا، جمعت بين العمق التراثي والتصميم العصري.

وأضاف بعض اللاعبين قبعات ونظارات شمسية، في مزج يعكس جرأة معاصرة وهوية إفريقية واضحة.

السنغال: أناقة وانضباط وهيبة

اختار منتخب السنغال النقاء عنواناً لوصوله، من خلال ظهور "أسود التيرانغا" بأزياء "بوبو" بيضاء مزينة بتطريزات ذهبية دقيقة، عكست الوقار والاحترام.

وانسجمت الإطلالة مع الهوية الكروية للمنتخب، القائمة على الانضباط والهدوء والثقة المتوازنة.

"كان موروكو"...حين تتحول لحظة الوصول إلى رسالة تعكس الخصوصية الإفريقية


جزر القمر: تواضع وهوية جزرية

وصل منتخب جزر القمر بأسلوب بسيط وغني بالرمزية، إذ عكست الأزياء ذات الألوان الكريمية والبيضاء تأثيرات سواحلية وعربية وجزرية، في تعبير عن التلاحم والتواضع.

وحدّد هذا الحضور نبرة هادئة تسبق مواجهة الافتتاح أمام المغرب، قائمة على الفخر الصامت لا الاستعراض.

لماذا تبقى كأس أمم إفريقيا مختلفة؟

تكشف هذه المشاهد مجتمعة حقيقة جوهرية: كأس أمم إفريقيا ليست مجرد بطولة كرة قدم.

بل تتحول إلى احتفال بالهوية، في مشهد رياضي عالمي غالباً ما تحكمه النمطية.

تمنح البطولة مساحة للتعبير، حيث تحمل المنتخبات قصصها وتاريخها وثقافتها إلى جانب الطموح والتكتيك.

ومع انطلاق البطولة بمواجهة المغرب وجزر القمر، يوم الأحد 20 ديسمبر، سيتجه التركيز إلى المستطيل الأخضر، لكن إفريقيا تكون قد تحدثت بالفعل قبل صافرة البداية... عبر القماش واللون والثقة.

ولهذا السبب تحديداً، تبقى كأس أمم إفريقيا... مختلفة.