في الوقت الذي يواصل فيه اللاعبون المغاربة المحترفون خطف الأضواء في كبريات البطولات الأوروبية – من حمزة إيغامان الذي أحدث ما يشبه "إيغامانيا" في فرنسا، إلى أسماء أخرى أصبحت محط أنظار أندية كبرى مثل حكيمي نجم باريس سان جيرمان وابراهيم دياز لاعب ريال مدريد – يواجه البيت الداخلي لكرة القدم الوطنية مفارقات تستحق التوقف والتأمل.
فالبطولة الاحترافية، التي تعود عجلة منافساتها للدوران غداً الجمعة بموسم جديد، لا تزال مشحونة بالجدل حول قضايا الانضباط والتسيير، وعقود التجهيز، والتحديات المالية والإدارية التي تثقل كاهل الأندية المغربية. ورغم محاولات بعض الرؤساء تقديم صورة مؤسسة حديثة، يبقى الواقع المحلي متأرجحاً بين الطموح الرياضي والقيود التنظيمية.
وعلى النقيض، يظهر المغرب دولياً بصورة مغايرة تماماً. فمنتخب وليد الركراكي لا يكتفي بفرض هيمنته قارياً، بل تصدر ترتيب أفضل المنتخبات أداءً في 2025 وفق تصنيف "ترانسفر ماركت"، متقدماً على قوى كروية تقليدية. هذا التميز يعكس دينامية غير مسبوقة على مستوى النتائج والتأثير، ويبرهن على إمكانيات المغرب الحقيقية في الساحة الكروية العالمية.
لكن هذا التناقض يطرح سؤالاً جوهرياً: كيف يمكن استثمار نجاح المنتخب وسمعة محترفيه في إصلاح جذري للبطولة الوطنية والأندية؟ وهل يمكن تحويل البريق الفردي للاعبين إلى مشروع جماعي يعزز مكانة الكرة المغربية قارياً وعالمياً؟ خصوصاً وأن المواهب المحلية الحقيقية ما زالت تنتظر الفرصة، كما ظهر جلياً في بطولة إفريقيا "الشان" الأخيرة.
الحقيقة أن الطريق يمر عبر مصالحة ضرورية بين حكامة الأندية وتألق اللاعبين. فالمغربي اليوم فخور برؤية نجومه يتألقون في أوروبا، لكنه في الوقت ذاته يطمح إلى رؤية وداد، ورجاء، وفتح، وجيش، وبركان، قادرة على المنافسة بنفس الروح الاحترافية.
إن لحظة الصعود العالمي للكرة المغربية يجب أن تتحول إلى فرصة تاريخية: لبناء بطولة قوية، وإرساء قواعد مالية وإدارية شفافة، وربط جسور الثقة بين الجماهير والإدارة. كما قال إنفانتينو ذات مرة، "كرة القدم قادرة على بناء الجسور في عالم مضطرب"، والمغرب اليوم أمام فرصة ليكون نموذجاً لذلك، خصوصاً في ظل التحديات الكبرى القادمة، من تنظيم كأس أمم إفريقيا 2025، ومونديال السيدات لأقل من 17، وصولاً إلى مونديال 2030...
المغرب الكروي بين بريق النجوم وإرث الأندية: إلى أين؟
بين تألق النجوم المغاربة في أوروبا وهيمنة منتخب وليد الركراكي قارياً، تظل البطولات المحلية تواجه تحديات كبيرة في التنظيم والحكامة، ما يطرح سؤالاً عن الاستفادة من النجاحات الدولية لإصلاح الأندية.
