خسر المحليون مباراة وليس لقبا

أثارت الخسارة الأخيرة للمنتخب المغربي المحلي أمام كينيا في بطولة "الشان" موجة من الانتقادات، طالت الطاقم الفني بقيادة طارق السكتيوي. لكن هل من الإنصاف اختزال كل المجهودات في نتيجة مباراة واحدة؟ وهل الهزيمة تعني بالضرورة الفشل؟ في هذا المقال، قراءة هادئة وعميقة لما حدث، ولماذا لا ينبغي أن يكون الانطباع هو الحكم الوحيد.

خسر المحليون مباراة وليس لقبا


استوقفتني كثيرا، التعاليق والأراء التي تلت مباراة المنتخب المغربي المحلي ونظيره الكيني (1-0)، ضمن منافسات كأس إفريقيا ألـ "شان" المقامة حاليا بتنزانيا، أوغندا، وكينيا. لماذا؟

بدون تردد، أقول، لأن غالبيتها جاءت انطباعية، لأن كل ما قيل وكتب، تتحكم فيه وتقوده النتيجة – الهزيمة، بحيث أصحاب هذه التعاليق والآراء، عملوا على البحث، عن كل ما من شأنه أن يتساوق مع طرحهم المبني على أن الطاقم التقني بقيادة طارق السكتيوي، أخطأ هنا...وكان عليه أن يدخل هذا اللاعب أو ذاك...ترك مساحة في وسط الميدان...لم يستغل النقص العددي..."حريمات حرمنا من...ومن... ومن..."، "مفيد لم يكن مفيدا"، لماذا أقصى السكتيوي لاعبين لهم تجارب؟، لماذا لم يحافظ على التشكيلة التي ظهر بها أمام أنغولا انطلاقا من قاعدة "لا نغير الفريق الذي يربح"؟...

لا، ياسادة، لست متفقا ولا موافقا، على هذا الطرح- المقاربة، نعم وبالتأكيد الهزيمة مؤلمة، ليس فقط في هذه التظاهرة والمسابقة، بل في كل مشاركات ممثلي الرياضة المغربية بشكل عام.

أي مدرب، عندما يدخل المنافسة، فمن أجل الربح والانتصار والفوز، وبالتالي فهو يضع كل السيناريوهات، التي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق هذا الهدف، لكن قد يحدث أن يصطدم بأمور لم تكن في الحسبان، قد تبعثر تماسك سيناريو ما، ومع ذلك تراه وبتشاور مع مساعديه يجهد التفكير بغاية العثور على الحل – فك العقدة، سواء في اللقاء الجاري، أو في إطار التحضير للموالي...

لكن، أن نقول إنه عجز أو فشل أو ظهرت محدودية تاكتيكاته، فهذا أمر غير مقبول، فالسكتيوي في صيف السنة الماضية، منح المغرب أول ميدالية في الألعاب الأولمبية، وقتها وصف بتعابير غير متوقعة، كما حصل ذات أيام استثنائية من العام 2022 بقطر مع الناخب الوطني وليد الركراكي.

أجل، خسر المحليون مباراة، وليس لقبا، ومازالت أمامهم مباراتان ضمن منافسات مجموعته الأولى، وحاليا يوجد في المركز الثالث، بثلاث نقاط، بالتساوي مع منتخب الكونغو الديموقراطية (مباراتان)، وبفارق نقطة واحدة عن أنغولا (المركز الثاني بثلاث مباريات)، وأربع نقاط عن المتصدر كينيا (ثلاث مباريات).

وبناء عليه، فالمنتخب المغربي سيواجه الخميس 14 غشت المقبل نظيره الزامبي، وفي اللقاء الأخير منتخب الكونغو الديموقراطية، الأحد 17 من الشهر الجاري، لهذا، علينا جميعا أن نتحلى بالتوصيفات والتعاليق والأراء الإيجابية، والابتعاد عن كل ما شأنه أن يثبط العزائم، لان رهان كسب لقب ما لا يتوقف عند خسارة أو انتصار، بل عند تحقيق مسار موفق قد تكون في إخفاقات، لكن لا يجب أن نجعلها حواجز، بل بالنظر إليها كلحظة للانبعاث من جديد، بغاية بلوغ الهدف المنشود.

وهنا، تحضرني الكثير من الأمثلة من تاريخ كرة القدم العالمية، أذكر تمثيلا لا حصرا، ما قاله مدرب منتخب إيطاليا في مونديال 1982 بإسبانيا، إنزو بيرزوت، من أن النهائيات تجرى بسبع مباريات، لهذا للفوز باللقب، يجب التعامل مع طبيعة كل دور، سواء من الناحية التاكتيكية أو البدنية أو الدهنيىة..

نقول هذا الكلام، ونحن على بعد أشهر قليلة من انطلاق حلم طال انتظاره منذ العام 1976، كأس إفريقيا للأمم، الذي سيقام ببلادنا نهاية السنة الجارية وبداية العام المقبل، وذلك من أجل البدء ومن الآن، في تبني ونشر، وإشاعة ثقافة الدعم الإيجابي، والسند النفسي، وتقوية الثقة، والابتعاد عن كل ما يحبط، أو يضعف الإرادات، وينال من العزائم...

أو "ديما مغرب"