نهاية مسيرة المراوغ الساحر في الملاعب

انتهت مسيرة المراوغ الساحر في الملاعب، بعدما قضى حوالي 20 عاما تذوق خلالها طعم التفوق والإخفاق، وصنع لنفسه مكانا في قلوب المغاربة والسويسريين والفرنسيين على حد سواء. ليس فقط لأنه كان مراوغا وهدافا، ومبدعا يسافر بك عبر مراحل طيلة الدقائق التسعون التي تتابعه خلالها، ولكن أيضا لأنه كان إنسانا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

نهاية مسيرة المراوغ الساحر في الملاعب

كان يعرف جيدا قيمة كلمة "الإحتراف"، و لم نسمع مطلقا عنه أنه كان مصدر عراك أو فوضى في الملاعب الأوروبية التي لعب بها، ونفس الشيء طبلة الفترة التي دافع خلالها عن القميص الوطني، بل ظل دوما نوذج اللاعب المسالم.

أذكر مرة، وبالضبط في المباراة الإفتتاحية لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 1988 التي جرت ببلادنا، أنه فقد صوابه بسبب التدخلات العنيفة لأحد مدافعي منتخي الزايير /الكونغو الديموقراطية حاليا/، وفي إحدى المحاولات، وبعدما نجح في تجاوزه، أسقطه المدافع باعتماده خشونة واضحة، وقتها نهض عزيز ووجه ضربة لمدافع الزاييري في غفلة من حكم المباراة.

قدر الجميع لعزيز تصرفه ذاك لأنه كان في حالة غضب، إضافة إلى ضغط جمهور مركب محمد الخامس، في مباراة غاب عنها بادو الزاكي وعوضه عزمي، وحضر حسن فاضل لأول مرة، وبرغم الأداء الجيد لأسود الأطلس إلا أن البياض ظل قائما غلى حدود الأنفاس الأخيرة من المباراة التي انتهت بفوز صعب بهدف يتيم.

في إحدى الفترات أحس عزيز مع نفسه أنه أخطا، فتوجه صوب المدافع الزاييري، واعتذر عن تصرفه، كما أعتذر الطرف الآخر عن خشونته.

هكذا كان بودربالة يتصرف دوما، لذلك ظل محبوبا من طرف الجمهور الودادي، بل والمغربي ككل، وبقي يحتفظ بعلاقات صداقة كثيرة في سويسرا، وفرنسا وابرتغال، وعدد من الدول الأخرى التي زارها لاعبا أو سائحا.

استفاد بودربالة من تجربته في الملاعب الأوروبية، وكسب الخبرة من مبارياته التي خاضها على مستوى الكؤوس القارية، برغم أن الحظ لم يحافه لبلوع منصة التتويج. لكن ذلك كله يشكل أرشيفا سيستفيد منه أبناءه الثلاثة على وجه الخصوص، الحنفي، ياسينن وكميل الذي يبدو أنه يقتفي آثار والده، وربما لن يتأخر إسم بودرباتلة في العودة مجددا إلى الملاعب، وبالضبط من البوابة الودادية.

 

في حلقة الغد:"الوجه الآخر خارج الملاعب"