الجيش الذي أعرفه

هذا الجيش يؤلمني، لم يعد "ثالث أتافي" الكرة المغربية كما كان دائما، صار محطة استراحة للاعبي البطولة، يوقعون عقودا ثم يفسخونها لاحقا، ليخلفهم آخرون، ثم يدخلها مدربون، بابتسامات ووعود وآمال بحجم قيمة وتاريخ النادي، ثم لا يلبثون أن يخرجوا بوجه عابس، حتى أن خيري ابن الفريق البار والهادئ، يعلن "العقوق"، وينعي تاريخه مع الفريق الى مثواه الأخير، ثم العامري الذي خرج أيضا ساخطا متأبطا خيبته وأكياس من الشتائم، جمعها من الملعب وفي الشارع وفي منصات التواصل الاجتماعي، وقبلهما كان روماو والعزيز وبودراع.."يلاه باقي بلاصة"..

الجيش الذي أعرفه

 الجيش الذي أعرفه، لم يكن أبدا لينفصل وسط الموسم عن مدربه، ويمنح الأطر فرصتهم كاملة بحثا عن الاستقرار، اين اللاعبون الذين دخلوا مراهقين وخرجوا وقد اشتغل شعرهم شيبا؟، اين ركائز الفريق ورموزه ونجومه، بح لا أحد..

أعود لأقول الفريق بات محطة، لأن المحطة لا ساكن لها، فقط مجرد غرباء ومسافرين وتائهين...

أخبرني، مديح رحمة الله عليه، مرة أنه رفض عرضا من الجيش، واعتذر عن تكرار تجربته مع الفريق، اعتذر بابتسامته الحزينة، التي عهدت فيه، رغم أن العرض كان يضاعف ما تقاضاه كعضو في الإدارة التقنية الوطنية، أخبرني أيضا، أنه تعب من ضغط مباريات البطولة، فقلت له، إن لك مكانة خاصة في قلوب المشجعين، فابتسم وقال: "جمهور الجيش صعيب، بغا يشوف في رمشة عين الجيش ديال زمان"، ثم حكى لي، كيف أنه كان يهرب من منزل أسرته وهو طفل صغير، ليشاهد

مباريات الجيش الملكي على ملعب "دونور" في كأس محمد الخامس تأسف كثيرا لما وصل إليه النادي، وقال إنه لن يعود لتدريب الأندية..

تذكرت حينها، آخر مباراة لآخر موسم توج فيه الجيش بطلا للدوري، المدرجات كانت صاخبة، رفع الجمهور "تيفو" سمى الفريق بالزعيم، بعد حصده للقبه الثاني عشر، وكان مع الفقيد مديح.

ذلك اليوم، ونحن نتابع مباراة الجيش التي كانت شكلية أمام حسنية أكادير، تسرب خبر عودة فاخر للفريق، مديح لم يعلق على الموضوع بعد نهاية المباراة، واكتفى بابتسامة، قال فيها كل شيء، لقد نال "جزاء السنمار" بعد تحقيقه للازدواجية..هي هي الابتسامة التي اعتذر بها لمسؤولي الفريق العسكري عن العودة..

الزعيم بعدها، صار زعيما في الهزائم وفي المشاكل وزعيما في الأزمات.. واليوم صار زعيما في الفضائح،  ومسرحا يقدم الكوميديا والتراجيديا في مشهد عبثي واحد،  لقد تغير كثيرا، لم أعد أعرف هذا الجيش..