«سيدي المشاغب! »

أما بعد، أيها المشاغب "المتخفي" مللنا منك، ومن اختبائك في جلابيب أوسع من حجمك الحقيقي، واعتمارك قبعة تخفي سوءات رأسك الفارغة، ألم يحن الوقت لتنضج قليلا، وتنتبه إلى ما تقترفه من شحن للجماهير، لشباب ومراهقين، لا يجدون متنفسا سوى ملاعب الكرة، أنت أسوأ من "الهوليكغانز"، لأنك مشاغب بصفة اعتبارية في المجتمع.. ارفع زاوية نظرك بضع أمتار، لتر ما تراه بوضوح، ولا تدفن رأسك مع قبعتك تلك، وسط "المعمعة"، لأنك حينما تناقش العنف والشغب في الملاعب، بقامة قصيرة، فإن مقارباتك ستكون قاصرة، وهذه نتيجة حتمية، فما نشاهده من محاولة إلصاق تهمة الشغب بهذا الجمهور أو ذاك، أحسبه غباء والله حسيبك، لأن الظاهرة مجتمعية، ليست لصيقة بجمهور يسكن كوكبا في مجرة أخرى، يأتي غازيا على صحن فضائي، ثم يعود لمجرته، بعد أن يعيث في الأرض فسادا. الشغب، الكل معني به دون استثناء، قليلا كان أم كثيرا، فخلال السنوات الماضية، ومع بداية الموسم الجاري، مارسته جماهير بألوان الطيف، كل منها يغني على ليلاه، يتبعهم "غاوون" يستجدون "لايكاتهم" بدفاع أعمى عنهم، وباتهام جمهور الغريم بالباطل، وحينما يحصحص الحق، وتنزل فيديوهات وتصريحات توثق لمن اقترف الشغب حقيقة صوتا وصورة، يخرج هؤلاء "الغاوون" نظارات سوداء يخفون بها عيونهم، وفي أحسن الأحوال، ينسبون الشغب لـ"مجهولين"، "ياك ألمرضي" مجهولين؟، ألم يكونوا معلومين قبل نزول الأدلة الدامغة، وناظرتم عن التحضر وأنتم تضعون جماهير "الغريم" في قفص الاتهام؟ أيها "المشاغب المتخفي"، إنك تشعل الفتنة، وتغذي النقمة في نفوس الجمهور، وتوسع الشرخ بينها، لماذا لا تقود حملة "خاوة خاوة" بين الجماهير، بدل أن تركز على إحداها وتحسب أنفاسها، بينما تدخل غيبوبة حينما تدور "السمطة" على جمهورك، الكريم معك ب"لايكاته"، حتى إذا ما اشتعل الشغب، فانقل الصورة بأمانة، وحينما تحاضر حول الظاهرة، لا تلبسها لونا واحدا لجمهور معين لغرض في نفسك، بل تحدث عن ظاهرة مجتمعية، تصل للملاعب، وتمر عبر الشارع والمدرسة والأسرة في كثير من الأحيان، كن كبيرا، وارتفع بفكرك أو اشتري سلما يرفعك، أو اسكت خيرا لك. أما انت يا "مسؤول"، يا من تتقمص دور الجمهور، فتحقر من قيمة فريق ما، عبر العبث في شعاره في صفحة فريقك الرسمية أو في ورقة المباراة أو في شاشة الملعب، أو في التذاكر، فأنت أخطر من "مشجع مزيف" بلع صيدلية حبات مخدرة، أنت مسؤول غير مسؤول، لكنك ستكون مسؤولا أمام ضميرك، إن تسببت افعالك الصبيانية في اشتعال المدرجات وجنبات الملاعب.. ثم أنت سيدي الحكم، فـ"حساؤك حساء" (زعما حريرتك حريرة)، لأن لفيفا من زملائك في السنوات الأخيرة، أصبحوا أعجوبة الزمان، إلى درجة أن الأندية باتت تترقب التعيينات، لترى من سيجلدها في الميدان، أو يعفوا عنها، حتى أن مسؤولين في الأندية الوطنية، قالوها صراحة: "أصبحنا نستعد للحكم أكثر من استعدادنا للفريق المنافس"، وباتت الجماهير تضع أيديها على قلوبها قبل الإعلان عن هوية من سيدير المباريات، إلى هذه الدرجة وصل صيتكم يا قضاة الملاعب، ربما حان وقت استقلالية الجهاز، استقلالية حقيقة وتامة، بمؤسسة للتحكيم قائمة بذاتها، لأن مديرية تابعة لجامعة يترأسها، وفي عضوية مكتبها التنفيذي وعصبها الاحترافية والهاوية ولجانها، رؤساء أندية، لا بد وأن يكبر الخوف معهم من السقوط في المحظور، ثم تشتعل الاحتجاجات ويكبر التشكيك في النوايا، كما هو حاصل اليوم، فإذا ما جردنا عدد الاحتجاجات الكتابية والشفاهية الرسمية وغير الرسمية، فإننا قد نكون وصلنا لرقم قياسي عالمي في الاحتجاجات على التحكيم وعلى البرمجة وعلى القرارات الصادرة عن جهاز، "فيه الخصام وهو الخصم والحكم". حينما قرعت الرسالة الملكية الموجهة للمناظر الوطنية حول الرياضة بالصخيرات في العام 2008، المسيرين الرياضيين، فإنها لم تستثن الإعلام الرياضي، بل تضمنت إشارة مقتضبة إليه، على اعتباره إعلاما "حرا"، يستوعب الإشارة بـ"الغمزة"، وإلا سيتعرض بدوره لـ"الدبزة" إذا ما أصر على الانسياق وراء الإغراءات المادية والسلطوية والعاطفية، ليصبح "متواطئا" وطرفا في اللعبة، لا ناقلا وواصفا وناقدا أمينا لها، لأن الإعلام الرياضي كوكب سيّار، إلى جانب كواكب التسيير والتحكيم وبقية الأجرام، كلها تدور في فلك الكرة الوطنية، وتخضع لقوانين "الجاذبية" المادية والسلطوية والانتماء، والخوف كل الخوف، أن تؤثر هذه العوامل على مدارها ونقاء مناخها وسريرتها .. "إلا من رحم ربي".

«سيدي المشاغب! »

.