"يا جمال شد جمالك علينا"

الجيش مستاء من آداء الحكم، الذي قاد مباراته أمام الوداد، وقرر "محتشما" كما هي عادته، أن يحتج على لجنة جمال الكعواشي، ولو لم ينته "كلاسيكو" المغرب، بفوز الوداد الرياضي، لاحتج هو أيضاً على تحكيم "الشاب" هشام التمسماني، بالنظر لما قدمه الأخير في مباراة تستقطب تتبعا جماهيريا كبيرا.

"يا جمال شد جمالك علينا"

وبعيدا عن احتجاج الأندية، ففي عالم قضاة الملاعب، تعد قيادة "الكلاسيكو" و"الديربي" و"صدام" الجيش والرجاء، فضلا عن نهائي كأس العرش ومربعه الذهبي، محطات مهمة في مسار كل حكم يجتهد ويعمل على تثبيت اسمه، ويراكم ما يكفي من تجربة تؤهله لقيادة هكذا مباريات.

فكيف استطاع الشاب هشام أن يحقق قفزات تفوق فيها على أسطورة ألعاب القوى الكوبية "سوتومايور"، من الهواة إلى الكلاسيكو في وقت وجيز؟، أليس هذا حيفا في حق الحكام، الذين يقاتلون لسنوات طويلة وقضوا ردحا من الزمن في اقسام الهواة، ثم القسم الثاني فاستحقوا الصعود إلى الأول، وينتظرون فرصتهم، التي قد يطول انتظارها، لإدارة مباراة كبيرة ومهمة، من أجل اثبات كفاءتهم، وإظهار "حنة يديهم" ورزانة صافراتهم.

فكيف سمحت لجنة الكعواشي لنفسها بتعيين حكم دون سابق خبرة وتجربة، لقيادة واحدة من أهم مباريات البطولة الوطنية وأكثرها حساسية؟ وماهي الميزات الخارقة، التي تجعل من التمسماني استثناء بين زملائه، ليستحق ان يحظى بهذه "الترقية" ويدون اسمه في سجل كلاسيكو المغرب؟

الحكم التمسماني، الذي كان يرافق فريقه المحبوب، وسط الجمهور ويشجعه من المدرجات، قبل بضع سنين، صار اليوم، وبقدرة قادر، أحد الحكام الذين تعتمدهم لجنة التحكيم للمباريات الحساسة، يا للعجب!، هو مرضي الوالدين بكل تأكيد، لأنه حقق مالم يستطع قبله أي حكم تحقيقه، وحطم كل الارقام القياسية بشكل رهيب.

 لا يجب أن تمر هذه الواقعة مرور الكرام، لأن الجامعة، التي قررت الموسم الماضي، تعيين حكام أجانب للمباريات ذات حساسية أو تكتسي أهمية كبيرة، وأقرّت، ضمنيا، بضعف الصافرة الوطنية بمجربيها وفطاحلتها، باتت اليوم، في عهد جمال الكعواشي، تعين للمباريات الهامة نفسها، حكاما محظوظين، أحرقوا المسافات، وقفزوا فوق طابور زملائهم الذين سبقوهم للصافرة، ونالوا شرف قيادة مباراة تصنف ضمن الأكثر أهمية في الموسم الكروي.

حكام كثيرون أبدوا استغرابهم واستياءهم، وتساءلوا عن الوصفة السرية التي يتوفر عليها التمسماني وتعوزهم، والتي بلا شك ليست متعلقة بالكفاءة، لأن حجم الاخطاء التي وقع فيها في الكلاسيكو تؤكد خلاف ذلك.

ألم يحن الوقت بعد، لوقف مهزلة التحكيم الوطني، ومهزلة التعيينات التي تثير الاستغراب، وترمي إلى بحر متلاطم من الحيرة والشكوك؟ الا تكفي هذه الاكوام من رسائل الاحتجاج التي يغرق بها البريد الالكتروني لمديرية التحكيم ولجنتها بعد كل جولة وعلى امتداد المواسم والفصول؟

ما بات حقيقة، أن التحكيم في بقية الأمم يتطور بينما نتقهقر، حتى انقرض قضاة الملاعب المغاربة من المنافسات ذات الطابع الدولي، بسبب اشخاص "يحسبون وحدهم وكايشيط ليهم"، من المفروض أن يكون التحكيم المغربي اليوم رائدا في قارته، بل ومرجعا للكثير من الدول عبر العالم، مادام أنه أنتج حكما من قيمة الراحل سعيد بلقولة قبل أكثر من عقدين، وسجل اسمه ضمن الحكام الذين قادوا نهائي المونديال.

 منذ صيف 1998 حتى اليوم، حدثت اشياء كثيرة، فصار التحكيم في المغرب أعجوبة الزمان، وقراراته "القاراقوشية" فاقت الخيال، آخرها رمي حكم دون تجربة في أتون "الكلاسيكو" أمام اندهاش فئة، واستياء فئة، وحسد فئة ثالثة يشكلها حكام بدون ظهر يحميهم، ولسان حالهم يقول "اللي عطاك يعطينا"، لكن الهدية التي تلقاها الحكم الشاب ملغومة، ففشله في قيادة الكلاسيكو لبر الامان قد يكون مدعاة لاستبعاده من مباريات مقبلة، وسيكون جمال مثل ذلك المدرب الذي اقحم لاعبا دون تجربة في مباراة كبيرة، فـ"أحرقه" بلغة "الكوارية".

اما الأندية "المستضعفة" فتنتظر الفرج و"الفار"، وتدندن مع ناس الغيوان "يا جمال شد جمالك علينا.."