"العشق في زمن الكورونا"

أن تكتب عن الرياضة في زمن كورونا أمر صعب، فالخطر الذي قدم من الشرق، جرف في طريقه نحو العالم آلاف الضحايا، وسكن صدورهم ومسالِكهم التنفسية بكل قسوة، وفي غزواته لم يميز بين الأجناس والمِلَلِ والنِّحَلِ، فض كل التجمعات، وجمد مسيرة لاعبين ومدربين، وطرد الجماهير من المدرجات، بل وأوقف تظاهرات رياضية محلية ودولية، ويهدد البقية الباقية، ويتوعدها بالثبور.

"العشق في زمن الكورونا"

 

البطولة الوطنية استأنفت نشاطها بمباريات باردة بئيسة، تحملت خلالها الاندية مصاريف الملاعب والتنظيم، في غياب تام لمداخيل التذاكر، وأظن أن الوقت حان، لتعبر الجهات المكلفة بالملاعب، عن حسها التضامني، وتقتسم مع الفرق الوطنية خسائر "ويكلو" الفيروس اللعين، الذي لا دخل للأندية فيه، لأن هذا وقت التضامن في كل شيء، فنحن في زمن كورونا، ولن نتغلب عليه إلا بالتضامن في وطن نقتسم هواءه وهمومه.. 

 صعب جدا، أن تتحدث عن ذلك الـ "ڤار"، الذي دخل ملاعبنا قبل أسابيع، وكورونا تغلق الحدود والأبواب والأفواه، ربما ضجرت هذه الأرض من سرعة وضجيج تنقل البشر بين القارات والدول والمناطق، فتمخضت عن هذا الـ"كوفييد التاسع عشر". 

وأنت تتابع نقاشا ساخنا بين حكم الوسط وحكم الـ "ڤار" حول ضربة جزاء، وتشاهد انفعال اللاعبين وافراد الأطقم التقنية، وهم ينتظرون الحسم، يطرق سمعك صراخ مساعد المدرب وهمهمات من يزاحمونه في الدكة، وقد تحرّروا من هدير الجماهير، تتراء أمامك مدرجات فارغة، حينها تتذكر أن كورونا من فعل فعلته، وجرد الكرة من مِلحها، بل وفي اسبانيا وايطاليا، لم يكتف بالملح والتهم الطبق برمته. أوقفَ "الكالشيو" و"الليغا" بلا رحمة ولا شفقة، وترك يتامى الريال وبرشلونة تائهين وراء شاشات المقاهي، يتابعون البطولة "بخو" وهي تزداد "بخوخا" بغياب أفضل ما فيها وهم الجماهير.. 

في هذه الأوقات الحرجة، التي استنفرت فيه السلطات مصالحها وتخوض مواجهة حاسمة ضد الوباء، تواصل أندية حصد النقاط، بينما أخرى تواصل النزيف.. يفرح لاعبون، فيحتفلون مع طيف جمهور غائب، بينما يتخيل آخرون الشتائم، التي يتلقونها خلف شاشات التلفزة، قبل أن يقرأوها فيما بعد، من هواتفهم المحمولة على منصات التواصل الاجتماعي.

نأمل حقا، أن تتغلب البشرية سريعا على عدوها المجهري، لأننا في الرياضة، لا ننشط ولا نشتغل، إلا إذا كان العالم سعيدا، فالملاعب هي مصدر للفرح أولا وأخيرا، والمباريات موعد غرامي، ينتظره ملايين العاشقين حول العالم، ولا حب دون حضن وقبلة، لكن كورونا، يفرض على الجميع عزلة آن لها أن تنتهي بقدرة قادر، مباراة كورونا هي المباراة الأهم في هذا القرن ولا بد من الفوز بها..  

انصرنا يا رحمان