اندلعت أحداث عنف وشغب، مباشرة بعد نهاية المباراة التي جمعت الجيش الملكي بالمغرب الفاسي، أول أمس الأحد، بملعب المجمع الرياضي الأمير مولاي عبدالله بالرباط، بهزيمة الفريق العسكري بهدفين دون رد، وخروجه مبكرا من دور سدس عشر نهائي كأس العرش.
مباشرة بعد صافرة النهاية، غادر الجمهور العسكري مدرجات الملعب ساخطا على النتيجة، بينما رفضت المئات من العناصر المشاغبة المغادرة ، وظلت بالمدرجات الجنوبية للملعب التي عادة ما يؤثثها أفراد فصائل الالتراس، ودخلت في مواجهة مباشرة مع رجال الأمن والقوات المساعدة، وظلت ترشقها بوابل من الحجارة والقناني والكراسي المقتلعة من المدرجات، وأمام موجة الشغب الكبيرة، تراجعت القوات الامنية، سيما في ظل ضعف التعزيزات الأمنية مقارنة بحجم الجمهور وأهمية المباراة، وحساسيتها بين الجمهورين، فاسحا المجال أمام موجة المشاغبين، للنزول إلى أرضية الملعب، وتخريب شاشات "بلازما" الخاصة بالإشهار، وتمزيق شباك المرمى، والتراشق بالحجارة، وتكسير زجاج البوابات المفضية إلى داخل أروقة المركب، الأمر الذي خلف هلعا كبيرا في صفوف كل من حضر المباراة، سواء رجال ونساء الإعلام، أو عناصر الأمن الخاص الذين لاذوا بالفرار فور اندلاع الأحداث، وأيضا لاعبي الفئات الصغرى للجيش الملكي، الذين لم يسلموا من الإصابات، فضلا عن لاعبي وأفراد الأطقم التقنية والإدارية والطبية للفريقين، الذين ظلوا لفترة حبيسي مستودع الملابس إلى حين أن هدأت الأمور.
أحداث في أروقة وقاعات المركب
وتوجهت المئات من العناصر المشاغبة لجمهور الجيش الملكي، مدججة بالعصي والحجارة، تجاه مدرجات جمهور المغرب الفاسي قصد الاعتداء عليهم، بحجة رفع لافتة مسيئة للجمهةر العسكري، الأمر الذي حاول رجال الأمن والقوات المساعدة التصدي له، تجنبا لوقوع "مجرزة" بين الجمهورين، حيث دفع الارتباك والخوف في هروب فئة كبيرة من جمهور المغرب الفاسي، عبر أروقة الملعب ليجدوا أنفسهم أمام مكاتب وقاعات المجمع الرياضي، حيث انطلق فصل شغب آخر، بالموازاة مع الشغب الحاصل على أرضية الملعب، حيث عمدت العناصر المشاغبة المحسوبة على الجمهور الأصفر، إلى اقتحام المكاتب والقاعات، عبر كسر الأبواب، وبدأت عملية النهب والتخريب، لكل ما طالته أيديهم، من تجهيزات، وملابس وأثاث، والاعتداء على نساء النظافة، غير أن الكاميرات المثبتة هناك، مكنت عناصر الأمن بسرعة قياسية من تحديد هوية الفاعلين، كما كادت هذه العناصر أن تقتحم قاعة الندوات حيث كان مدرب المغرب الفاسي يعقد ندوته الصحافية، لولا تدخل رجال الأمن الذين سيطروا على الوضع وأوقفوا المتورطين. في المقابل، وعلى أرضية الملعب، تمكنت عناصر الأمن والقوات المساعدة، من صد هجوم العناصر المشاغبة من جمهور الجيش، بمساعدة فئة من جمهور المغرب الفاسي التي لم تغادر الملعب ولم تشارك في عمليات النهب والتخريب والسرقة، حيث تراجع المهاجمون ولاذوا بالفرار، وأكملوا فصلا آخرا من العنف في محيط المجمع الرياضي، والأحياء القريبة منه.
ضبط مسروقات لدى الجمهور الفاسي
بعد عودة الهدوء إلى مرافق المجمع الرياضي، عمد رجال الأمن إلى جمع الجماهير الفاسية، أمام البوابة رقم 2، وقررت السلطات تخصيص حافلات لهم، لنقلهم إلى مدين فاس، وعدم تركهم يغادرون الملعب بمفردهم، مخافة التقائهم بجماهير الجيش التي عاثت فسادا في محيط الملعب، إذ شاهدت "لوماتان سبورت" عملية ضبط وإيقاف العديد من الجمهور الفاسي، بناء على الفيديوهات، بحوزتهم مسروقات نهبوها من مرافق الملعب، إذ كانت المفاجأة ان العديد منهم حمل معهم مخدات وقطع أثاث وملابس خاصة بالرياضيين، واواني منزلية (كؤوس وصحون..) حيث تم إحالتهم على وكيل الملك صباح امس الاثنين، رفقة المحجوزات التي ضبطت لديهم، في الوقت الذي ظلت الحافلات تنتظر تفريق جمهور الجيش الملكي خارج الملعب لساعات حتى سمح لها بالمغادرة. لاعبو الفريقين والأطقم التقنية والإدارية، بدورهم، لم يسمح لهم بالمغادرة، إلا بعد ساعات من انتهاء المباراة، إذ ظلت الأخبار تتوارد عبر أجهزة اللاسلكي لرجال الأمن، عن تفجر الوضع خارج الملعب، وتخريب وتكسير السيارات الخاصة التابعة للشرطة، ورشق الحافلات القادمة في الطريق السيار قرب المركب، أوقف على إثرها العشرات من المتورطين من جمهور الجيش الملكي.
سوء التنظيم وضعف التعزيزات
منذ البداية، وقفت "لوماتان سبورت" على سوء التنظيم للمباراة، حيث وجدت الجماهير والصحافيون صعوبة في دخول المجمع الرياضي، بسبب غلق أبوابه قبل أزيد من ساعة عن انطلاق المباراة، بالرغم من توفر الأنصار على تذاكر، الأمر الذي تسبب في تزاحم كبير كادت معه الامور تتكور للأسوأ، ما اضطر معه العديد من القاصرين إلى القفز فوق السياج المحيط بالملعب، أمام هذا المنع غير المبرر، قبل أن يتم فتح البوابات بشكل مفاجئ ليدخل الجميع بما فيهم الجمهور غير المتوفر على تذاكر، في خطوة غريبة أخرى. ومنع رجال الأمن الصحفيين من إدخال سياراتهم للمرآب المخصص لهم، بدعوى اكتظاظه، قبل أن يفاجؤوا، بخلوه تماما إلا من بعض السيارات القليلة، بعدما اضطروا إلى ركن سياراتهم بعيدا في أمكان غير محروسة، كما اقتحم الجمهور منصة الصحافة في سابقة من نوعها يشهدها مجمع مولاي عبد الله، إذ لم تكن التعزيزات الامنية بالقوة والكثافة التي يجب أن تحضر في مثل هذه المباريات، سيما أن جمهوري الفريقين لهما سوابق في الشغب سواء في الرباط أو فاس، وتتمثل علاقتهما بالحساسية.
حصيلة ثقيلة خلفت أحداث العنف والشغب عشرات الإصابات في صفوف جمهوري الفريقين ورجال الأمن والقوات المساعدة، وتخريب ونهب وإتلاف العديد من مرافق وتجهيزات الملعب، والسيارات الخاصة وسيارات الشرطة. وذكر بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أن العمليات الأمنية التي باشرتها ولاية أمن الرباط، أسفرت عن ضبط 160 شخصا، من بينهم 90 قاصرا، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب أعمال الشغب المرتبط بالرياضة، وحيازة أسلحة بيضاء، والسكر العلني البين والتراشق بالحجارة المقرون بإلحاق خسائر مادية بممتلكات خاصة وعامة، وإضرام النار عمدا في مركبة. وخلفت الاحداث الخطيرة إصابة 85 شرطيا بجروح وإصابات متفاوتة الخطورة، من بينهم 63 مصابا نُقلوا إلى المستشفى الجامعي ابن سينا، و14 مصابا أخرا بمستشفى التخصصات، فيما نُقل 8 مصابين إلى المستشفى العسكري بالرباط، تحت إشراف طاقم طبي من مفتشية مصالح الصحة للأمن الوطني على متابعة عملية استشفائهم وتمكينهم من المساعدات الطبية اللازمة. ورصدت مصالح الأمن الوطني، إلى غاية هذه المرحلة من البحث، إصابة 18 عنصرا من القوات المساعدة بجروح وكدمات ورضوض، فضلا عن إصابة 57 من الجمهور بإصابات مختلفة، من بينهم 34 مصابا تم إسعافهم بعين المكان من طرف الأطقم الطبية والتمريضية، بينما تم نقل باقي المصابين لمختلف المؤسسات الاستشفائية بالرباط. وسجل البلاغ ذاته، خسائر مادية بالعديد من مرافق ومشتملات الملعب، وإضرام النار في دراجة نارية، وتعييب وتكسير 33 مركبة وناقلة تتنوع ما بين مركبات تابعة للشرطة وسيارات أخرى في ملك الخواص بالفضاءات الخارجية للملعب. وأكد المصدر ذاته أن جميع الموقوفين خضعوا لإجراءات البحث القضائي الذي أمرت به النيابة العامة المختصة، لتحديد مستوى ودرجة تورط كل واحد من الموقوفين في أعمال الشغب المرتكبة، وتشخيص كافة المساهمين والمشاركين في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، كما تتواصل حاليا عمليات مراجعة جميع كاميرات المراقبة لتحديد وتشخيص كل من ثبت تورطه في اقتراف أعمال العنف والشغب التي أعقبت هذه المباراة.