الحلقة 1: موسطا يلج عالم الرياضة من الوداد الرياضي فرع السباحة

كريم موسطا عداء عالمي مغربي، متخصص في ماراثونات التحدي، التي جعلته يطوف الأرض شمالا وجنوبا، شارك في حوالي 165 منافسة دولية عبر العالم، ما جعله يقطع مسافة، تقارب طوافا حول العالم خمس مرات، طيلة 46 عاما، ركض فوق أراضي تعلو سطح البحر بعدة كيلومترات، كما شارك في سباقات على أشد بقاع العالم ارتفاعا للحرارة، فاز بعدة ألقاب عالمية، وفي طريقه نحو "البوديوم" تعرض للسعات عقارب ودبابير وذباب "تسي تسي" في الأمازون وإفريقيا والصحراء، تعرض لمواقف خطيرة، كما كان ضحية للعنصرية، وعاش في المقابل الكثير من المواقف الانسانية، التي يرويها لـ"لوماتان سبورت" في هذه الحلقات. بدأ مساره الرياضي سباحا، ثم ملاكما، قبل أن يكتشف موهبته في العدو، ليدون اسمه كواحد من أبرز عدائي سباقات التحدي على الساحة العالمية، وإلى غاية اليوم، وهو ابن 66 سنة، ما يزال موسطا مصرا على تحدي نفسه..

الحلقة 1: موسطا يلج عالم الرياضة من الوداد الرياضي فرع السباحة

الحلقة 1

ولد البطل المغربي كريم موسطا بالدار البيضاء في العام 1954، وترعرع في أحياء وأزقة المدينة القديمة، وفيها تابع دراسته، أصوله القديمة مختلطة، من الجزيرة العربية وإفريقيا جنوب الصحراء، يقول موسطا: "والدي كان دائما يحكي لي أن أصولنا تعود إلى العربية السعودية، حيث هاجرت قبيلته إلى المغرب واستقرت فيه، وانشأت عائلة كبيرة، إلى أن جاء والدي إلى الوجود والتقى بأمي التي تنتمي إلى الصحراء المغربية، غير أن جدي من أمي ينحدر من القبائل الإفريقية التي هاجرت إلى الصحراء واندمجت مع القبائل المحلية، وصارت تنطق باللغة الامازيغية”.

بعد زواج والديْ عداء سباقات التحدي "إلتراماراطون"، انتقلا إلى مدينة عاصمة النخيل مراكش، ثم إلى الدار البيضاء، وانجبا عشرة أبناء، اوسطهم كريم، بينما كانت فاطمة هي البنت البكر، ثم جاءت حليمة ونجيب ولطيفة، وكلهم لم تكن تستهويهم الرياضة، حيث لم يمارسها أحد في أسرته الصغيرة قبله، إلى حين ولد الطفل الأوسط كريم، الذي عشق الرياضة ومارس العديد من أنواعها بل واحترفها أيضا، قبل أن يستقر في نهاية المطاف على العدو.

استلهم حبه لخوض سباقات التحدي، والماراطونات الخطيرة، في بيئة صعبة، من والده، الذي كان رحالة يسافر عبر البحر في السفن، يتذكر كريم موسطا كيف كان يجلس قبالة المحيط الأطلسي في شاطئ الدار البيضاء، حيث يوجد حاليا مسجد الحسن الثاني، الذي كان قريبا من منزل أسرته متأملا المحيط الشاسع، يقول موسطا: "كانت أمي تأمرني بالذهاب للعب هناك على الشاطئ، وليس علي من ثياب سوى سروال قصير، وحينما أسألها عن أبي كانت تجيب بأنه مسافر في المحيط، كثيرا ما كنت أقطع لعبي لأقف متأملا في الأمواج انتظر ظهور سفينة تقل والدي".

أول علاقته بالممارسة الرياضية المؤطرة كانت مع السباحة، حيث قرر يوما وهو طفل، أن يتسلل إلى أحد المسابح الخاصة، كان يوجد بجوار الشاطئ، عبر القفز من على السور، رغبة منه في تجريب السباحة في "الماء الحلو" بعدما ملّ السباحة في البحر، وصار سباحا ماهرا بحكم علاقاته بالبحر منذ نعومة اظافره، غير انه ضبط من قبل أحد حراس المسبح، الذي أمسكه وأخرجه، وطلب منه عدم العودة، إلا بصحبة والده لتسجيله ودفع المقابل الشهري ليسمح له بالسباحة.

ظل المسبح يسكن خلده لفترة طويلة، وفاتح والده في الموضوع، والتمس منه تسجيله في المسبح، سيما انه كان ماهرا في السباحة، ليقرر والده بناء على إلحاحه، إلحاقه بنادي الوداد الرياضي فرع السباحة، وهناك تفجرت موهبته كسباح ودادي صاعد، يحكي كريم موسطا عن هذه الفترة، يقول: "التحقت بالوداد الرياضي فرع السباحة،  وتألقت رغم صغر سني، وفزت بالقميص الأحمر بالعديد من الألقاب، وبفضل الوداد تعرفت على العديد من السباحين الكبار، كسلطانة وجاكي والشادلي وفرات، كانوا نجوما في الدار البيضاء ومشهورين جدا في تلك الفترة، سيما في المدينة القديمة التي كان سكانها يفتخرون بهم، يومها لم يكن الرجاء الرياضي يضم فرعا للسباحة، تعلمت منهم الكثير، وشاركت رفقتهم في طواف المغرب سباحة".