الحلقة 17: موسطا أيقونة ضد "الأبارتايد" في جنوب إفريقيا
بعدما شك رجال الشرطة في البيرو في أمر كريم موسطا، اقتادوه من على الحافلة، وذهبوا به إلى داخل مكتب صغير تابع للأمن، وهناك جردوه من كل ما كان يحمله معه، يضيف البطل العالمي موسطا: " أمرني أحد رجال الأمن البيروفيين بإحضار حقيبتي وفتحها لتفتيشها، فعدت إلى الحافلة لجلبها، وفوهة بندقيته موضوعة على رأسي، وبعد أن فتحتها، وجدوا العديد من قصاصات الأخبار تتحدث عني في بعض الجرائد الفرنسية، فتأكدوا أني عداء، فأطلقوا سراحي، بعد حوالي ساعة من التحقيقات".
لحسن حظ البطل المغربي، أن الحافلة ظلت تنتظره ولم تغادر صوب العاصمة دونه، رغم الحرارة المفرطة التي كانت في ذلك اليوم، وما أسعده كثيرا هو أن جميع الركاب كانوا يستفسرون عن أحواله و يطمئنون عليه، بدوا متعاطفين جدا معه، وسألوه ما إذا كان تعرض للضرب من قبل الأمن، لكنه أجاب أن أحدا لم يلمسه بسوء.
من سباقات التحدي الشهيرة التي شارك فيها البطل المغربي كريم موسطا، ماراثون التحدي بجنوب إفريقيا ويدعى "كومراد"، وهو من أقدم الماراثونات في العالم، ويجرى على مسافة 85 كيلومترا، وهو ينظم تخليدا لذكرى أرواح الشهداء في هذا البلد، وينطلق من دوربان، وجميع عدائي ماراثونات التحدي في العالم يرغبون بالمشاركة فيه، ويشارك فيه سنويا ما بين 4 و5 آلاف مشارك، وكانت أول تجربة له فيه، قطع خلالها السباق في ظرف زمني قدره سبع ساعات ونصف، ثم عاد موسطا في النسخة الموالية للمشاركة، لكنه هذه المرة كان مرفوقا بعداء فرنسي مصاب بالعمى، اعتاد على المشاركة في ماراثونات التحدي، التي تتجاوز مسافتها 100 كيلومتر، لكنه كان يحتاج لمرافق من أجل مساعدته، في جميع تحركاته، يحكي موسطا عن صديقه العداء الاعمى قائلا: "كان يتوفر على ذاكرة قوية جدا، فبمجرد وصولنا إلى الفندق، قام بلمس جميع جنبات الغرفة للتعرف على الأماكن والأشياء، حتى لا يضطر مرة أخرى لطلبها مني، كما أنه كان يتوفر على حاستي شم وسمع قويتين، إذ بمجرد مرورهما من أحد أزقة دوربان، كان يتعرف على الأصوات بسرعة، وعلى كل شيء يدور حوله"، ويضيف موسطا عن هذه التجربة: "أثناء السباق لفتنا انتباه المشاركين بشكل كبير، بحكم أن العداء الفرنسي كان أبيض اللون وأنا أسمر البشرة، وبحكم معاناة الجنوب إفريقيين من نظام العنصرية العرقية في وقت سابق "الأبرتايد"، أثرنا إعجاب سكان القرى التي مررنا بها، والمشجعين الذين تابعوا السباق، إذ لم يسبق لهم أن عاينوا موقفا مثل موقفنا، وكان الجميع يهتف لنا، وبتنا أيقونة للمحبة والصداقة والقيم الانسانية رغم اختلاف الألوان".