تفاصيل ليلة مأساوية لعشاق الرجاء

أسئلة كثيرة طرحت عما حدث خارج المستطيل الأخضر عقب مباراة الرجاء البيضاوي لكرة القدم والأهلي المصري (0-0)، ليلة السبت الماضي "السوداء"، بملعب المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، في إياب ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا، والتي انتهت بإقصاء مر للفريق الأخضر، الذي كان سقط ذهابا في القاهرة (0-2). ما إن يأتي الرد على سؤال حتى يأتي الدور على سؤال ثان، فثالث، ورابع، و.......، لأن ما حدث خطير للغاية، خصوصا مع وفاة مشجعة رجاوية شابة (29 سنة)، بعد سقوطها أمام أعين عشرات الآلاف، ثم نقلها إلى المستشفى، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، وبالتالي يحق لنا وضع مسؤولي "كازا إيفينت"، الذين يشرفون على تنظيم المباريات، التي يحتضنها مركب محمد الخامس، خلف قضبان الاتهام. يمكننا أيضا أن نوجه أصابع الاتهام إلى كل المتداخلين في تنظيم المباراة، من سلطات محلية، وأمنية، ومسؤولين داخل إدارة فريق الرجاء، لأن الأمر تعدى حدود الفوضى التي لمسناها عدة مرات، في وقت سابق، فوجدنا أنفسنا أمام ضحية، قد يكون ذنبها الوحيد أنها تعشق فريق الرجاء، وأنها جاءت لتعبر عن دعمها له، تماما مثل عشرات الآلاف من العشاق، لكنها عوض أن تكون وسط المدرجات، وتردد الأناشيد والشعارات، شاءت الأقدار أن تكون شهيدة العشق الأخضر، وأن تلبي نداء ربها، أمام حيرة الجميع، واندهاش الكل، لما حدث؟ وكيف حدث؟ في لمح البصر. ومجددا سيكون علينا انتظار ما سيسفر عنه التحقيق، الذي تقرر فتحه لمعرفة أسباب ما وقع. ولا ندري هل سننتظر أياما، أم أسابيع، أم أشهر، لمعرفة الحقيقة، لأن التجارب علمتنا أن عشرات التحقيقات كان من المفروض أن تفتح، لمعرفة أساباب الكثير من الاختلالات، لكننا مطلقا لم نتوصل بالإجابات المرجوة، مع أننا قضينا فترات طويلة بقاعات الانتظار.

تفاصيل ليلة مأساوية لعشاق الرجاء

 

فشل فريق الرجاء البيضاوي في العبور لنصف نهائي دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم، بعدما عجز عن التهديف ذهابا وحتى إيابا في مباراتي ربع النهائي أمام الأهلي المصري. اكتفى الفريق الأخضر بتعادل مخيب على أرضه (0-0)، ووسط جماهيره، في مباراة كان بالإمكان أن يحدث فيها أفضل مما كان، لولا أن اللاعب الجزائري يسري بوزوق ضيع ضربة جزاء، والتي ضاع معها أمل العودة في تدارك خسارة الذهاب، ليتحول الحلم إلى كابوس مزعج. الإقصاء كان مرا، خصوصا بعد مسار أكثر من رائع في دور المجموعات، ما جعل عشاق النسر الأخضر، ينزعجون، ويوزعون التهم يمينا وشمالا، خصوصا للرئيس عزيز البدراوي، الذي تعددت وعوده وتنوعت، لكن في نهاية المطاف، سيودع الفريق منافسات هذا الموسم من دون أي شيء يذكر، بحكم أنه يبتعد بفارق 15 نقطة عن صدارؤة البطولة الاحترافية، ويحتاج إلى معجزة حقيقة للفوز باللقب أو لاحتلال المركز الثاني وضمان المشاركة مجددا في دوري الأبطال، خلال الموسم المقبل.

حديث عن استقالة الرئيس

مباشرة بعد نهاية المباراة، وإعلان الحكم الدولي الليبي، معتز الشلماني، عن توديع الفريق الأخضر لمنافسات دوري أبطال إفريقيا، تردد حديث عن استقالة الرئيس عزيز البدراوي من منصبه، وأنه استسلم لجبل المشاكل التسييرية، التي اعترضته منذ توليه مهمة رئاسة الفريق، خلفا لأنيس محفوظ، الذي غادر أسوار ملعب الوازيس، منتصف شهر ماي من العام الماضي . هذا الخبر، تفاعل معه عدد من منخرطي فريق الرجاء، فأجمعوا على رفض القرار، مؤكدين أن الاستقالة يلزم أن تكون خلال الجمع العام، وليس عبر منصات التواصل الاجتماعي غير الرسمية. ظل الجميع ينتظر الخبر اليقين، فكان لا بد أن يتدخل خالد فاكرني، رئيس اللجنة القانونية بمكتب الرجاء، والذي قال إنه لم يتوصله بأي رسالة يعلن من خلالها عزيز البدراوي عن استقالته، ما يعني أنها مجرد إشاعة لا أساس لها منن الصحة. وقبل ذلك، كشف عزيز البدراوي، في تصريح إعلامي، أنه مستمر على رأس إدارة الرجاء، وأن هناك استحقاقات مهمة تنتظر الفريق، ومع نهاية الموسم سيعرض حصيلته على أنظار جميع أفراد العائلة الرجاوية. وربما أمكن القول إن فريق الرجاء سيطارد ألمل الوحيد المتبقى، والمتمثل في لقب كأس العرش، إذ سيلاقي شباب المحمدية، في محطة الربع. كما أنه مقبل على مشاركة خارجية أخرى، تتمثل في كأس الملك سلمان للأندية العربية البطلة.

انتقادات كثيرة للبدراوي...

وجه هشام حلمي، المنخرط في نادي الرجاء، انتقادا لاذعا للبدراوي، وقال "ما زالت الأغلبية تطالب بضرورة استكمال الفترة الرئاسية لتفادي عدم الاستقرار، الذي نتخبط فيه منذ عقد من الزمن. أي خطوة من قبيل لجنة مؤقتة أو انتخاب رئيس جديد، في الوقت الراهن، قد تعصف بالمحطات المقبلة، لأنها غير مضمونة العواقب، بل ستعطي للرئيس الحالي فرصة التنصل من مسؤولياته كرئيس". وأضاف حلمي، على حائط صفحته الرسمية على موقع "فايسبوك"، "الرئيس لم يف قط بوعوده والتزاماته، هذا واقع مؤرخ، وهو ما أصنفه شخصيا، مهما كانت درجة حسن نيتي، في انعدام الخبرة، الحماسة اللاعقلانية والغرور…وهي متلازمة بسيكولوجية تنتهي، غالبا، إذا ما تم هناك إعادة النظر في الأسلوب والمضمون والصياغة إلى اكتساب الخبرة".

"كازا إيفينت" في قفص الاتهام

إلى حدود اللحظة، لم يخرج أي مسؤول من شركة "كازا إيفينت"، التي تشرف على تنظيم المباريات بمركب محمد الخامس، بأي تصريح أو أي بلاغ، بخصوص سقوط ضحية جديدة، قبل انطلاق مباراة الرجاء والأهلي المصري. والغريب في الأمر، أن الجميع يعرف جيدا أن الشركة المعنية هي المسؤول الأول عن كل ما يقع، وبالتالي فإليها ينسب النجاح، وهي التي تتحمل مسؤولية كل أشكال الفشل. ليست المرة الأولى التي توجه فيها أصابع الاتهام صوب "كازا إيفنت"، بعدما تكررت صور الفشل، والفوضى، التي أساءت كثيرا لمسعة كرة القدم، ليس محليا، أي بمدينة الدار البيضاء فقط، بل وطنيا، بحكم قيمة العاصمة الاقتصادية، وبالنظر إلى حجم فريقيها العملاقين، الرجاء والوداد. "الصحراء المغربية" حاولت جاهدة التواصل مع محمد الجواهري، المدير العالم لشركة "كازا إيفينت"، إلا أن هاتفه الشخصي ظل يرن دون مجيب.

التذاكر تفوق عدد المقاعد

قبل الرابعة من عصر يوم السبت الماضي، قررت اللجنة المنظمة إغلاق أبواب ملعب محمد الخامس في وجوه الآلاف من المشجعين، رغم توفرهم على تذاكر المباراة، وضمنهم من يتوفر على بطائق الاشتراك، الأمر الذي تسبب في احتجاجات كثيرة أمام أبواب الملعب، تدخل على إثرها رجال الأمن لتفريق المحتجين، باستعمال خراطيم المياه، على بعد حوالي 4 ساعات من انطلاق المباراة. قال المنظمون إن مدرجات الملعب امتلأت عن آخرها، خصوصا على صعيد المدخلين 1 و2، ولأن الأعداد التي منعت من الدخول تفوق بكثير عدد أولئك الذين يوجدون بالمدرجات، فإن الكل تساءل عن الطريقة التي جرت بها عملية الدخول في بداية الأمر؟، وإن كان الجميع أدلى بتذكرة الولوج للملعب بمختلف الأبواب؟، ثم أيضا عن حقيقة التذاكر التي بيعت بالمناسبة، وقبل ذلك، التي طبعت؟.

 

منصة الصحافة لم تسلم من الفوضى

لم تسلم منصة الصحافة من فوضى التنظيم من خلال وجود أشخاص غرباء عن المهنة، وأكثر من ذلك تفاجأ عدد من الزملاء بوجود أطفال صغار لا تتجاوز أعمارهم 14 سنة، في أماكن مخصصة للإعلاميين، علما أن المباراة شهدت حضور صحافيين أجانب، وتحديدا من مصر والخليج العربي. لا بد من الإشارة أيضا إلى صور الفوضى، التي كان مصدرها اللجنة التنظيمية لفريق الرجاء البيضاوي، بعد توزيع "بادجات الصحافة" على أشخاص لا منابر إعلامية لهم، في الوقت الذي حرم بعض الصحافيين من حقهم المهني في تغطية المباراة القارية، رغم أن مراسلة إدارة النادي، منذ بداية الموسم، وتحديد أسماء الصحافيين والمصورين المتكلفين بتغطية مباريات الفريق، علما أن الشخص التي تكلف بتوزيع "بادجات الصحافيين" هو مصور تابع للنادي، وأصبح بين عشية وضحاها هو الآمر والنادي، دون حسيب ولا رقيب.

وداعا أيتها "الشهيدة"

أظهرت العديد من مقاطع فيديو، نشرت عبر وسائل إعلام محلية، تدافع مجموعة من جماهير فريق الرجاء البيضاوي، في محاولة للدخول عبر إحدى البوابات التي كانت مغلقة. هذا المشهد الرهيب للجماهير الرجاوية، التي كانت تتوفر على تذاكر ولوج الملعب، تدخل على إثره رجال الأمن باستعمال خراطيم المياه، فدفع الثمن عشرات الأبرياء، من بينهم المشجعة "نورة"، التي كانت بالمكان غير المناسب، وهي تحاول الوصول إلى المدرجات كغيرها من عشاق اللون الأخضر. قال أحد أفراد أسرة الرجاء، في اتصال هاتفي مع "الصحراء المغربية"، إن ما حدث يعد فضيحة بكل المقاييس، خاصة أن عدد الجماهير التي تتوفر على تذاكر ولوج الملعب ظلت خارجه بأعداد كثيرة، ويفوق عددها بكثير أولئك الذين يوجدون في المدرجات، متسائلا، في السياق ذاته، عن الطريقة التي وصل بها كثيرون إلى مقاعد المركب؟ ويطالب الجميع بالتحقيق في أسباب "الكارثة" التي خلفت وفاة مشجعة رجاوية بريئة، وتقول المعطيات الرسمية المتوفرة إلى أن الضحية تدعى نورا الزبيري، عمرها 29 سنة، تقطن بمدينة المحمدية، وتشتغل في شركة للتأمينات، إذ اعتادت على حضور مباريات فريقها الأخضر، سواء بالدارالبيضاء أو خارجها، كما كانت ضمن الجماهير التي تنقلت إلى القاهرة لتشجيع النسور الخضر في مباراة الذهاب.