أين نحن من إنجاز مونديال قطر 2022؟

سؤال بدأ يفرض نفسه، في سياق رياضي يعرف الكثير من المظاهر والسلوكات، التي ميزت فترة ما بعد الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي الأول في كرة القدم خلال مشاركته في نهائيات كأس العالم 2022 بقطر.

لنستخضر...لنتذكر...ذلك التفاعل الضخم، الذي بدر من كل أفراد الشعب المغربي كل من موقعه، والذي يحكمه إحساس مشترك يتمثل في الاعتزاز والفخر بوصول الأسود إلى المربع الذهبي من المونديال، وإنهاء مشاركته ضمن الأربعة منتخبات الأولى في العالم، وراء كل من الأرجنتين، وفرنسا، وكرواتيا.

نعم، المغرب من بين الأربعة في العالم، قبل البرازيل، وألمانيا، وإسبانيا، والبرتغال، وإنجلترا، وبلجيكا...وهو معطى ظل الناخب الوطني وليد الركراكي يستشهد في مباريات ما بعد المونديال، للتأكيد على أن المنتخب المغربي أصبح من كبار العالم، وبالتالي يستحق مواجهة البرازيل، الشيلي، والبيرو...

وعلى هدي هذا الإنجاز، خرجت أصوات تنادي وهي كثيرة، بضرورة استثمار هذه اللحظة الاستثنائية، للقطع مع كل الأشكال التي تدار بها كرة القدم الوطنية، وذلك بتبني الرؤية الاحترافية كما هي متعارف عليها عالميا.

بدأ التنظير والتصريحات، والأراء سواء من قبل المسؤولين أو المتابعين لكرة القدم الوطنية، أوالجماهير، والأطر الوطنية...ومع توالي الأيام، بتنا نعتقد أن ملامح مرحلة احترافية بدأت ترسم في الأفق، لكن سرعان ما بدأ الحماس يفتر، والأحاديث تقل، وشئيا فشئيا اقترب الإنجاز التاريخي من رف النسيان إلى حين...

بكل صراحة، في كل مرة وفي مثل هذه المناسبات، أسيطر على حماسي ولا أدعه يتمادى في اتساعه، ربما لأنني أعلم مسبقا بوعي أن الحماس لا يصنع لوحده القطائع والانعطافات التاريخية، بل لابد من وجود إرادة حقيقية لكل الفاعلين في الميدان، أو بلغة الركراكي "خاص النية بالمعنى المغربي العميق".

لن أسرد كل المظاهر الذي حدثت وطنيا، في فترة ما بعد 18 نونبر 2022، بل سأكتفي فقط بذكر، أولا، ما حدث في محيط محمد الخامس قبل مباراة الأهلي برسم ربع نهائي دوري الأبطال، والمركب الرياضي للعربي الزوالي قبل لقاء الاتحاد الرياضي البيضاوي والنادي المكناسي ضمن منافسات القسم الوطني هواة. وثانيا، ارتباطا بالمباراة الأخيرة ما صرح به مسؤولان مكناسيان بعد نهاية اللقاء، وفاها به اتجاه حارس الفريق المكناسي، في وقت كان زملاؤه يهتفان باسمه للرفع من معنوياته بعد المردود الذي قدمه في هذه المواجهة، التي انتهت بالتعادل هدفين لمثلهما، وثالثا، أكتفى فقط هنا باستحضار البطاقة الحمراء التي تلقاها رضا سليم لاعب الجيش الملكي بالجزائر، والتي تعد من بين العوامل التي أدت إلى أقصاء الفريق العسكري من مسابقة كاس الكاف.

فرجاء، الشعور الوطني، لا ينحصر فقط في الأقوال، بل ايضا يجب أن يكون متبوعا بالعمل (إداريا، مسطريا، دهنيا، عقلية، سلوكا، قيميا...)، وهي الخصيصة التي ظل يرددها فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يرددها في أي لقاء أو اجتماع مع مكونات اللعبة الأكثر شعبية في العالم.

فمتى سنتوقف عن ضياع اللحظات التاريخية لتجسيد "مغرب الطاقات"، و "النبوغ المغربي" على أرض الواقع للاستمرار في العطاء والتميز والإبهار كما حدث في قطر 2022؟.