لم يتقبل الصحابي سب الجمهور لوالدته "...وكنت مستعدا لتقبل الانتقاد والشتم، لكن سب والدتي التي فقدتها منذ أشهر كان مريرا"، علما أنه قدم الاعتذار مبديا تفهمه لغضب الجماهير، ومعترفا بالإخفاق في تفادي الهبوط، "أقضي ليلة سوداء بعد ان غادر النوم أجفاني، لم أتجرع مرارة الهزيمة والاندحار لأقسام الهواة، تفهمت غضب الجماهير التي رافقتنا خلال محطات عصيبة، تقدمت نحو المدرجات بعد نهاية المباراة لأقدم اعتذاري.... لقد تمكنت بتوفيق الله من إنقاذ فرق كثيرة أولمبيك خريبكة، وشباب الريف الحسيمة، وسريع وادي زم، والكاك، وجمعية سلا واندية اخرى، الا أنني فشلت في إعداد فريق قادر على السباحة ضد تيار جارف، معذرة لفعاليات النادي من مكتب مسير وجماهير وإعلام، شكرا للأطقم التي ساندتني كثيرا، شكرا للاعبين على كل المجهودات التي قدموها، لم نوفق في الحفاظ على مكانة الفريق لأسباب عديدة واتمنى عودة سريعة للفريق لأن مدينة الخميسات تستحق فريقا في القسم الاول والله ولي التوفيق".
لقد تعمدت نقل تدوينة الصحابي كاملة، لأنها بكل صراحة كتبت بتواضع الكبار، الذي يتجلى في الاعتراف بالخطأ والإشادة بالمنجز، والتنويه بالفاعلين بعيدا عن الحصيلة، التي لم تكن، والحالة هذه، في مستوى انتظارات الجميع لـ "اسباب عديدة".
رد فعل الصحابي المؤلم، دفعتي على التو إلى استحضار تلك اللحظة التي غالب فيها عبد العزيز البدراوي الرئيس السابق للرجاء، دموعه لما حل ضيفا قبيل الجمع العام للرجاء الرياضي، عندما تحدث عن سب الجمهور لوالدته، وما زاد من الم اللحظة، الطريقة التي تحدث بها عن والدته، مع تذكير مساهماته المادية اللا مشروطة للفريق الأخضر، وفي الأخير تسمع عبارات السب والشتم، ثم أيضا ما تعرض له فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وهو الذي يشهد له الكل داخليا وخارجيا بالدور الكبير الذي لعبه في هذه الصحوة الكروية التي يعرفها المغرب الرياضي ضمن رؤية واستراتيجية الملك محمد السادس.
يحصل هذا، في وقت تمكن المغاربة من خلال مشاركة المنتخب الوطني في مونديال قطر 2022، من خلق الحدث، الذي جال بقاع العالم، ليس فحسب بوصول الأسود إلى دور الأربعة، بل أيضا بذاك الاحتفاء المبهر بالأم، إلى حد أن صار الكل يقتفي هذا الصنيع ويقلده إلى درجة أنه أثار حفيظة الجار الجزائر، لكن التجسيد عنده، فقد معناه لأنه حصل بالاتباع وليس بالإبداع فقط، لسبب وجيه، لأن حدث قطر 2022 كان "ماركة مغربية مسجلة".
ووصل الاحتفاء بالأم إلى أعلى درجاته، لما حرص جلالة الملك على استقبال أعضاء المنتخب الوطني المغربي بمعية امهاتهم. وما أبلغها من صورة معنى ومبنىِ، للحظة تاريخية تقشع لها الأبدان.
فلنحافظ على هذا المكسب، المتجذر في التربة المغربية، وبدل أن نسب لنعد إلى ترديد ما قاله الجمهور لما نجح بادو الزاكي العام 2004 في الوصول إلى نهائي كأس إفريقيا بتونس "والزاكي وكالت ليك أمك وسير الله يرضي عليك"، أو الجنوح إلى التعبير عن عدم الرضا باتباع طرق حضارية وما أكثرها، وهنا دور الالترات.