الهبطي والإبراهيمي والركراكي...الهواية والرقي الرياضي

بصراحة، ومنذ الإنجاز التاريخي، للمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم في مونديال قطر 2022، الكل أعتقد لحظتئذ أن الكثير من الأمور المتعلقة بممارسة اللعبة الأكثر شعبية، ستتغير نحو الأفضل، لأن مغربا كرويا ولد من حدث عالمي، منح للمغرب، احتراما كونيا غير مسبوق.

الآن، ونحن على مشارف مرور عام على هذا الإنجاز الرياضي الاستثنائي، يبدو أننا مازلنا بعيدين عنه ممارسة وواقعا، الشئ الذي يدفع إلى طرح السؤال التالي: ما السبب الكامن وراء ضياع مثل هذه الأحداث، لبناء أفق رياضي، وفق منظور احترافي صرف، وفي الوقت ذاته القطع مع عقلية الهدم والأحكام الجاهزة والمبنية، في جزء كبير منها على صراع فئوي، لا يؤدي في النهاية إلا إلى فرملة هذا الأفق.

لن أستحضر، في هذا الصدد، الأمثلة - الأحداث جمعيها، بل سأكتفي فقط بواقعة قمة الجولة الثانية من الدوري الوطني الاحترافي للدرجة الأولى بين الرجاء الرياضي والجيش الملكي، بين اللاعب زكرياء الهبطي والناطق الرسمي عبد الإله الإبراهيمي.

بدء، طرفا الواقعة أعطيا صورة سيئة عن مرحلة ما بعد إنجاز مونديال قطر 2022، لماذأ؟

أولا، بالنسبة إلى الهبطي، ومن باب الاحتراف المتعارف عليه، فاللاعب الذي يسجل على فريقه السابق، يبدي فرحه بالكثير من الاحترام، دون أي مغالاة، كما فعل في الجولة ذاتها، الكونغولي زولا، لما أحرز الهدف الأول لفريقه الحالي الوداد في شباك شباب المحمدية فريقه السابق، في أجواء مفعمة بالاحترام والتقدير المتبادل.

ثانيا، بالنسبة إلى الإبراهيمي، فسلوكه غير مقبول البتة، من موقع مسؤوليته، ومهما كانت تبريراته، فرد فعله لا يمكن قبوله، لأنه موجود بالمركب، في ارتباط مع اسم الرجاء، العالمي والعريق، وبالتالي عليه أن يضبط أعصابه، ويتصرف بمسؤولية، لان أي تحرك كيفما كانت طبيعته سيكون مقرونا بـ "الناطق الرسمي للرجاء".

وبالموازاة مع ذلك، عجت مواقع التواصل الاجتماعي، بين مؤيد لهذا ومعارض لذاك، بالكثير من التعاليق الخارجة عن اللياقة، والبعيدة عن جمهور مونديال 2022.

وبالمناسبة، أود أن أشير أيضا إلى تلك التعاليق التي صاحبت قرار المغربي لامين يامال باختيار اللعب للمنتخب المغربي، وكم كنت أتمنى أن تحذو الجماهير المغربية حذو الناخب المغربي وليد الركراكي، في تعليقه على موضوع لاعب برشلونة عشية إعلان فوينتا مدرب منتخب إسبانيا لائحة لاروخا أمام الأردن وجورجيا.

لقد أظهر الركراكي، كما في معظم خرجاته الإعلامية، رقيا في الحديث عن كل ما يتعلق بالمنتخب المغربي، مقيدا بالروح الرياضية في أسمى معانيها، أكتفي بالتذكير هنا بما قاله بخصوص يامال "قمنا بكل ما يجب علينا القيام به، وإذا اختار إسبانيا فالله يسهل عليه"، ثم انطلق نحو المستقبل، بالإشراف على أول حصة تدريبية مع اللاعبين الذين وجه إليهم الدعوة.

لنتعلم، جميعا، بإصغاء وتمعن، من تصريحات الراكراكي، ففيها الكثير من الأفكار التي تساير ما قلناه آنفا "بناء الأفق الرياضي، وفق منظور احترافي صرف"، وبغيرة وطنية حقيقية.