على نفسها جنت الودادية!

ظلت ودادية المدربين المغاربة، ردحا من الزمن، ترتع في هياكل الكرة الوطنية بعيدا عن الأضواء، وعن عيون المتابعين والنقاد، لا تعقد جموعها العامة، ولا نعرف أعضاء مكتبها المديري..لم نسمع عن اجتماعاتها، ولا عن أنشطتها، كانت تعيش حياة هانئة هناك في حديقتها السرية، قبل أن تقرر فجأة الخروج ببلاغ تضامني مع وليد الركراكي ضد منتقديه، ضد الجمهور المغربي، الذي تجرع مرارة إقصاء غريب أمام جنوب إفريقيا "الصان داونزي"..

على نفسها جنت الودادية!

الودادية لم تخرج ببلاغها التضامني إلا بعدما جددت الجامعة الثقة في الناخب الوطني، وهو قرار يشاطرها فيه السواد الأعظم من الجماهير والمتابعين، الذين انتقدوا اختيارات الركراكي وقراراته التقنية التي تسببت في خسارة مباراة كانت في المتناول.

الودادية وقفت ضد المنتقدين، ومنهم جامعة الكرة نفسها، التي قالت في بلاغ تجديد الثقة "تم الوقوف على مكامن الخلل التي كانت حاضرة في هذه المنافسة، خاصة في المباراة الاخيرة أمام جنوب إفريقيا"، وهي مكامن الخلل نفسها التي انتقدها المنتقدون، الذين هاجمتهم الودادية.

"لوماتان سبورت" تواصلت عدد من المدربين المغاربة، واستفسرتهم عن موقفهم من البلاغ، فأجمعوا على التبرؤ منه جملة وتفصيلا، فهل عقدت الودادية اجتماعا واستشارت أطرها وهياكلها (إن وجدت طبعا) قبل إصدار ذلك البلاغ الاعجوبة؟ 

الكثير من الأحداث التي تهم المدربين المغاربة مرت عليها الودادية مرور الكرام، لم تهنئ عموتة ممثل الأطر الوطنية ببلوغه رفقة "نشامى الأردن" نصف نهائي كأس آسيا، ولم تتضامن معه حينما واجه وحيدا هجوما عنيفا من الصحافة الأردنية، ولم تتضامن معه حينما اتهمّ بسرقة حاسوب وهاتف الوداد الرياضي بعد فك الارتباط بالفريق، لم تتضامن الودادية مع عبد الرحمان السليماني حينما تم ابعاده من الإدارة التقنية بطريقة مستفزة بعد سنوات طويلة من العطاء، لم تتدخل في قضية اعتداء العمراني على العزيز، لم تتضامن مع عبد الغني الناصيري، الذي عاش مرحلة صعبة جراء التهميش، ولا مع حسن حرمة الله الذي مُنع من نقل معارفه للمدربين في الدورات التكوينية التي تنظمها الكونفيدرالية الإفريقية بشراكة مع الجامعة، ولم تتضامن مع العراقي بعد توقيفه مدى الحياة وقطع أسباب الرزق عنه، لم تحرك ساكنا أمام عشرات الحالات من الطرد التعسفي التي تمارسه بعض الاندية ضد مدربين لاسكات الجمهور، مدربون تحولوا إلى شماعات لتعليق الأخطاء التسيرية لمكاتب فاشلة وقفت الودادية منهم موقف المتفرج …فما الذي أنطقها اليوم؟ من ذا الذي أفتى ببلاغ غريب، أثار ضدها موجة من السخرية، و نغصّ عليها حياتها الهانئة في حديقتها السرّية؟

الانتقادات التي طالت الركراكي بوصفه مدربا ومسؤولا عن الجوانب الفنية والاختيارات البشرية، تعدت ماهو وطني إلى ماهو دولي، فالعديد من المحللين والنقاد والصحافيين في القنوات الاعلامية العربية والاجنبية تناولت الاخطاء وعددت الزلات التي سقط فيها الناخب الوطني، وبلاغ الودادية ماهو إلا صرخة في وادٍ ونوتة نشار لا محل لها من الاعراب ولا من الصيرورة الطبيعية في عوالم كرة القدم في كل قارات العالم، بعد حصد اخفاق غير متوقع..ولا مبرر.