القلق، لأن ما تعيشه المنظومة الكروية في الوقت الراهن، لا يبعث على الاطمئنان بشأن مستقبل هذه الرياضة ذات القاعدة الجماهيرية العريضة، وذلك في ظل كثرة الدعاوى (الليتيج)، وغياب رؤية واستراتيجية تسييرية واضحة المعالم بجدولة زمنية محددة وأهداف دقيقة، ناهيك عن الإقالات الكثيرة للمدربين، ثم الشغب الجماهيري المتزايد، الذي يتنافى مع الروح الرياضية، مما يطرح تساؤلات حول دور الإلترات، هذا الى جانب ضعف دور مؤسسة المنخرط، الذي يكاد يكون شبه غائب، في تناقض واضح مع المبدأ المتداول: "مصلحة الفريق فوق كل اعتبار".
الغضب، بالنظر إلى أن كرة القدم المغربية حققت قفزة نوعية ملحوظة، حظيت بإشادة واسعة من قبل المهتمين والمتابعين محليًا وإقليميًا وعربيًا وقاريًا ودوليًا، خاصة منذ الإنجاز التاريخي في مونديال قطر 2022، حين بلغ المنتخب الوطني المربع الذهبي من هذه المسابقة العالمية، في سابقة غير معهودة، وكذا التطور الملحوظ في كرة القدم النسوية، والفوتسال، والمنتخبات السينية...هذه المنجزات المحققة، تجعل الوضع الحالي غير مقبول باستحضار التطلعات الكبرى التي تأمل الجماهير معاينتها.
القلق والغضب سمتان حاضرتان في كل المنابر الإعلامية المهتمة بكرة القدم المغربية، حيث يتم يتناولها بجرأة ومسؤولية، بدافع الغيرة والرغبة في تحسين هذا الواقع، خصوصًا مع الاستحقاقات الكبرى المنتظرة في السنوات الأربع المقبلة.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بعد المتابعة هو: ما جدوى هذا النقاش إذا لم يجد آذانًا صاغية لدى المسؤولين عن الشأن الكروي في بلادنا؟ بكل صدق، نحن في حاجة ملحة إلى صياغة تصور جديد لكرة القدم الوطنية، خاصة فيما يتعلق بالأندية، سواء من حيث التسيير، أو دور المنخرطين، أو العلاقة مع الجماهير. فمن غير المقبول أن يكون منتخبنا الوطني رابعًا في آخر نسخة من كأس العالم، بينما تعاني البطولة المحلية وأنديتها مشاكل هيكلية تؤثر سلبًا على مستوى التنافسية وتطلعات الجماهير.
نفرح ونفخر بأي إنجاز رياضي، لكن في النهاية، يظل ذلك مجرد لحظة عابرة إن لم يُستثمر بشكل صحيح، فالتاريخ القريب يثبت أن العديد من النجاحات لم تُستغل لتأسيس مسار جديد مبني على رؤية واضحة ومستدامة، للرفع من قيمة منظومتنا الكروية تسييريا وفنيا، وتجاوز القلق والغضب، نحو الفخر والاعتزاز ...