أشرف حكيمي.. ظهير عالمي يسير بثبات نحو التتويج بالكرة الذهبية الإفريقية

يواصل الدولي المغربي أشرف حكيمي ترسيخ مكانته كمرجع عالمي في مركز الظهير الأيمن، بعد موسم مبهر رفعه إلى مصاف أبرز نجوم كرة القدم، وجعله مرشحا قويا للتتويج بالكرة الذهبية الإفريقية لسنة 2025، عقب احتلاله المركز السادس في سباق الكرة الذهبية العالمية الأخيرة، وقيادته باريس سان جيرمان إلى موسم تاريخي على الصعيدين المحلي والقاري.

منذ انضمامه إلى باريس سان جيرمان في يوليوز 2021، لم يتوقف حكيمي عن التطور وفرض اسمه بقوة في "عاصمة الأنوار". المدرب الإسباني لويس إنريكي لم يتردد في الإشادة به، مؤكدا أنه أحد قادة غرفة الملابس، بعدما اختاره زملاؤه قائدا ثانيا للفريق، قبل أن يصفه بـ"أفضل ظهير أيمن في العالم"، في إقرار واضح بقيمته الفنية والقيادية داخل المجموعة الباريسية.

رقميا، بصم حكيمي على مسيرة لافتة بقميص باريس سان جيرمان، بعدما خاض 189 مباراة في مختلف المسابقات، سجل خلالها 27 هدفا ووقع 38 تمريرة حاسمة، في أرقام استثنائية بالنسبة لمدافع يلعب على الرواق الأيمن. فالمغربي لا يكتفي بأداء الأدوار الدفاعية المعتادة، بل تحول إلى لاعب هجومي "هجين"، يجمع بين صلابة الخلف وحسم الخط الأمامي، ويتقمص أدوار الظهير والجناح والمهاجم الثاني وحتى "المايسترو" المتأخر في بناء اللعب.

هذا التنوع في الأدوار جعل من حكيمي نموذجا للظهير العصري، القادر على صنع الفارق في كل مناطق الملعب. زميله في الفريق لوكاس شوفالييه اعتبره "أفضل ظهير أيمن في العالم"، مشيدا بحجمه البدني، وجودته التقنية في المساحات الضيقة، وقدرته على شغل أكثر من مركز على الجهة اليمنى، سواء كظهير كلاسيكي أو كـ" piston" متقدم.

ورغم الإصابة القوية التي تعرض لها أمام بايرن ميونيخ بعد تدخل عنيف من لويس دياز، والتي ستبعده عن الملاعب لأسابيع قبل العودة المرتقبة خلال نهائيات كأس إفريقيا للأمم، فإن هذا الطارئ لم يُسقط أسهمه، بل زاد من الإحساس بقيمته داخل المنظومة الباريسية والمنتخب الوطني على حد سواء.

على مستوى الألقاب، كان حكيمي أحد أبرز مهندسي هيمنة باريس سان جيرمان على الساحة الفرنسية والأوروبية خلال موسم 2024-2025، بعدما ساهم بقوة في الفوز بلقب الدوري الفرنسي، وكأس فرنسا، وكأس الأبطال، إلى جانب التتويج بدوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبية. حضور الدولي المغربي كان حاسما في المحطات الكبرى، بعدما سجل في ربع النهائي ونصف النهائي والنهائي من دوري الأبطال، مؤكدا قدرته على التألق تحت الضغط وفي المواعيد الحاسمة.

أما من حيث الأرقام الفردية، فقد أنهى حكيمي الموسم بـ11 هدفا و16 تمريرة حاسمة في 55 مباراة في جميع المسابقات، وهي حصيلة استثنائية لمدافع. كما برز اسمه بقوة في الإحصائيات المتقدمة الخاصة بالمدافعين والأظهرة في الدوريات الخمسة الكبرى منذ شتنبر 2024؛ إذ يعد أكثر من لمس الكرة (6568 لمسة)، متفوقا على أسماء وازنة مثل فيرجيل فان دايك وجوشكو غفارديول وغيرهما، كما يتصدر ترتيب الممررين بـ17 تمريرة حاسمة، ويحتل المركز الثاني في عدد الأهداف المسجلة بـ13 هدفا، مباشرة خلف دينزل دومفريس.

هذا التأثير البارز في كل تفاصيل اللعب ينعكس أيضا في باقي الأرقام؛ إذ يحتل حكيمي المركز الثاني في عدد التمريرات الناجحة (4540)، ويتصدر عدد التمريرات المحاولة (5042)، إلى جانب كونه أكثر مدافع/ظهير تسديدا نحو المرمى (108 تسديدات)، وأول مدافع في عدد اللمسات داخل منطقة الجزاء (247 لمسة)، وأولهم في عدد التسديدات المؤطرة (44 تسديدة).

هذه الهيمنة الإحصائية، مقرونة بإنجازات جماعية لافتة، جعلت المغربي يتوج بجائزة مارك-فيفيان فوي لأفضل لاعب إفريقي في الدوري الفرنسي، ودفعت به إلى دائرة المرشحين الأبرز لنيل الكرة الذهبية الإفريقية 2025. ورغم تأكيده في أكثر من مناسبة أن طموحه الأول هو مواصلة حصد الألقاب مع باريس سان جيرمان، فإن حكيمي لم يخف حلمه بالتتويج القاري الفردي، خاصة بعد دخوله قائمة العشرة الأوائل المرشحين للجائزة.

الدولي المغربي أقر مؤخرا بأن الفوز بالكرة الذهبية الإفريقية بات "حلما حقيقيا" بعد الموسم الذي بصم عليه، مؤكدا أنه يعتبر نفسه من بين اللاعبين الذين يستحقون التتويج، بالنظر إلى عمله الكبير على المستويين الجماعي والفردي، وإلى انتظام عطائه وتأثيره في النتائج. وجوده إلى جانب أسماء لامعة مثل محمد صلاح، فيكتور أوسيمين، سيرهو غيراسي، بابي سار، دينيس بوانغا، فرانك زامبو أنغيسا وغيرهم، لم يمنع عددا من المتتبعين من اعتباره المرشح الأوفر حظا للتتويج.

ويُنتظر أن تحسم الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف) في هوية الفائز بالجائزة خلال حفل جوائز "CAF Awards" المقرر يوم الأربعاء 19 نونبر بالرباط، حيث يأمل المغاربة أن يعتلي أشرف حكيمي عرش الكرة الإفريقية، في تتويج مستحق لمسيرة متصاعدة، واعتراف دولي بلاعب أعاد تعريف دور الظهير الأيمن، ورفع سقف التطلعات في الكرة المغربية إلى مستوى جديد.