في زمن تسود فيه الصفقات الكبرى عناوين الصحف، يفرض اسم معاذ الضحاك نفسه خارج المألوف، لاعب لم يتجاوز العشرين، بجسد نحيف لا يعكس أبدا حجم موهبته، لكنه يحمل داخله شراسة قائد، ورؤية لاعب محترف، وهدوء حكيم.
ولد معاذ سنة 2005 بالدار البيضاء، وبدأ رحلته الكروية في سن التاسعة داخل أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، إذ خضع لتكوين صارم، متكامل، وممنهج، لأكثر من عشر سنوات، شارك خلالها في دوريات دولية، وحصد فيها ألقابا فردية وجماعية من بينها جائزة أفضل لاعب في دوري أكاديمية U19، رغم مشاركة أندية أوروبية ولاتينية عريقة.
الآن، وبعد موسم مميز رفقة اتحاد تواركة، يطرق الضحاك أبواب الرجاء الرياضي، في صفقة إعارة تبدو أقرب إلى استثمار طويل الأمد منه إلى تجربة عابرة.
أرقامه لا تكذب..
قد يبدو لاعب بوزن 60 كلغ وطول 1.65 متر كرقم عادي في جدول الأوزان، لكن معاذ الضحاك لا يقاس بالمتر ولا بالكيلو، بل بالتأثير. في موسمه الأول في البطولة الاحترافية، وقع على 9 أهداف و4 تمريرات حاسمة، من أصل 35 مباراة.. أرقام مهمة، لكنها لا تختزل الصورة.
الضحاك هو ذاك "الجوكر" الذي يحرك الإيقاع من الجناحين، ويفتح المساحات في العمق، ويصنع الفرص من لا شيء. لا يخاف المواجهة، سريع في القرار، دقيق في اللمسة، ولديه ذكاء تكتيكي يسبق عمره الكروي.
وعندما تمنحك المنتخبات الوطنية شارة القيادة في كل فئة مررت بها، فأنت لا تحتاج شهادة لإثبات أنك مختلف، من منتخب U15، إلى U17، ثم U20، ومعهم المنتخب الأولمبي، ظل الضحاك اسما حاضرا كقائد وملهم.
25 مباراة دولية في ظرف عامين، و8 أهداف و3 تمريرات حاسمة.. والأهم، قيادة المغرب إلى وصافة كأس إفريقيا للشباب 2025، والتتويج ببطولة شمال إفريقيا، مع جائزة أفضل لاعب في مباراتين حاسمتين أمام مصر وليبيا.
عروض أوروبية مرفوضة.. وإعارة تشبه العودة للبيت
خلال آخر فترتي الانتقالات الأخيرتين، تلقى الضحاك اهتماما جديا من أندية فرنسية مثل ليل وستراسبورغ الفرنسيين، كما راقبه فريق أولمبياكوس اليوناني عبر كشافين من داخل المغرب. ورغم عرض قطري مغر بقيمة 900 مليون سنتيم، اختار اللاعب وعائلته، رفض الصفقة.
وفي لحظة يتجه فيها الرجاء الرياضي نحو تجديد دمائه، يأتي التعاقد مع الضحاك كتأكيد على سياسة واضحة، الرهان على الشباب ليس مجرد شعار، بل مشروع. صفقة إعارة لعام واحد فقط قد تتحول إلى شراكة طويلة، خصوصا إذا انفجرت موهبة الضحاك كما يتوقع، على أرضية مركب محمد الخامس، وبين جماهير "المكانة".
وصفقة الإعارة تبدو كأنها عودة إلى الجذور، لا مجرد تجربة جديدة، فمعاذ الضحاك تربى كرويا داخل مدرسة الرجاء الرياضي قبل التحاقه بأكاديمية محمد السادس، وكان من المشجعين الأوفياء الذين تابعوا فريقه المفضل من مدرجات مركب محمد الخامس، يهتف باسمه، ويحلم بارتداء قميصه.
وإذا نجح اللاعب الضحاك في حجز مكان أساسي، فإن كأس العالم للشباب في تشيلي ستكون فرصته الذهبية للانفجار أوروبيا، وجعل الرجاء بوابته نحو العالمية.
بورتريه | معاذ الضحاك.. من مختبر الأكاديمية إلى حلم "المكانة"
معاذ الضحاك، النجم الصاعد في سماء كرة القدم المغربية، يجسد قصة حلم يتحقق. تربى في مدرسة الرجاء الرياضي وأكاديمية محمد السادس، وتابع فريقه المفضل من مدرجات مركب محمد الخامس. لاعب شاب يمتاز بالمهارة والقيادة، اختار الرجاء ليبدأ رحلة جديدة تعكس طموحه الكبير وحبه للنادي. بورتريه يروي مسيرة لاعب اختار العودة إلى الجذور ليكتب قصة نجاحه في قلب "المكانة".
