في عام 2015، أصبحت سلّتان شفافتان متجاورتان في لندن ساحةَ لجدال صامت لكنه محتدم؛ حيث كان المدخنون يلقون أعقاب سجائرهم للإجابة عن سؤال ملتهب: مَن هو أفضل لاعب كرة قدم في العالم، ليونيل ميسي أم كريستيانو رونالدو؟.
وبوصفها وسيلة لتشجيع الناس على استخدام السلال لإلقاء أعقاب السجائر، أثبتت أكبر منافسة في مسيرة كرة القدم في القرن الحادي والعشرين أنها محاولة فعّالة لتحقيق ذلك.
وبعد مرور عقد من الزمن، لا يزال الجدل محتدماً، فيما يقترب الثنائي من أن يصبحا أول لاعبين يشاركان في 6 بطولات كأس عالم.وسجّل كلٌّ من رونالدو وميسي أكثر من 800 هدف (لكل منهما) مع الأندية ومنتخباتهما، كما حققا معاً 9 بطولات في دوري أبطال أوروبا، و13 جائزة للكرة الذهبية.
ويؤكد مشجعو ميسي أن تتويجه بكأس العالم مع الأرجنتين عام 2022 يضعه في القمة، لكن أنصار رونالدو يستشهدون بألقابه في مسابقات الدوري الكبرى بأوروبا، ورصيده البالغ 954 هدفاً، منها 143 مع منتخب بلاده، إضافة إلى كونه أكثر لاعب خوضاً للمباريات الدولية برصيد 226 مباراة مع البرتغال.
وسيكون رونالدو 41 عاماً، وميسي 39 عاماً، في البطولة التي ستُقام العام المقبل في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، والتي ستكون الأخيرة لهما.
في مونديال 2006، كان رونالدو يبلغ من العمر 21 عاماً، وميسي يقارب 19 عاماً، عندما أصبحا أصغر هدافين لبلديهما في كأس العالم خلال ظهورهما الأول في البطولة بألمانيا.
ولم يُشارك ميسي في دور الثمانية، حين خسر منتخب الأرجنتين أمام صاحب الأرض بركلات الترجيح. وفي اليوم التالي، سجّل رونالدو ركلة الجزاء الحاسمة في مواجهة إنجلترا، قبل أن يواجه خيبة الأمل في قبل النهائي، بخسارة البرتغال أمام فرنسا.
في كأس العالم 2010، سجّل رونالدو، قائد البرتغال، هدفاً واحداً فقط في نهائيات جنوب أفريقيا، قبل أن تخسر البرتغال أمام إسبانيا، التي توجت باللقب لاحقاً، في دور الـ16.
أما ميسي، الذي فشل في التسجيل خلال البطولة بعدما أطاحت ألمانيا بالأرجنتين للمرة الثانية على التوالي، فقد واجه انتقادات حادة في بلاده؛ حيث اتهمه المشجعون بأنه يهتم ببرشلونة أكثر من منتخب بلاده.
في كأس العالم 2014، قدّمت البرتغال أداءً للنسيان، إذ سجّل رونالدو، الذي خاطر بمسيرته وهو يلعب مصاباً في الركبة، هدفاً واحداً فقط قبل أن يودّع من دور المجموعات.
أما ميسي، الذي أصبح قائد منتخب بلاده، فتألق وسجّل في كل مباراة من دور المجموعات، وفاز بأربع جوائز متتالية لأفضل لاعب في المباراة.
لكنّ الأرجنتين خسرت النهائي أمام ألمانيا، ولم تُشكّل جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في البطولة أي عزاء لميسي، الذي ظهر باكياً بعد نهاية المباراة.
وفي العامين التاليين، خسرت الأرجنتين نهائي كوبا أميركا، ثم نهائي كوبا أميركا المئوية، وكلاهما أمام التشيلي بركلات الترجيح. حينها أعلن ميسي اعتزاله اللعب دولياً وهو في حالة إحباط شديد، قبل أن يتراجع لاحقًا عن قراره.
في كأس العالم 2018 خرجت الأرجنتين والبرتغال من دور الـ16. وسجل ميسي هدفاً واحداً فقط في دور المجموعات قبل الخسارة أمام فرنسا.
أما رونالدو، الذي كان فاز ببطولة أوروبا قبل عامين، فقد سجّل ثلاثية في المباراة الأولى أمام إسبانيا (تعادل 3-3)، لكنه أهدر ركلة جزاء أمام إيران، قبل أن تخسر البرتغال أمام أوروغواي في الدور الثاني.
وفي العام التالي، ساعد رونالدو البرتغال على الفوز بأول لقب في دوري الأمم الأوروبية، مسجلاً ثلاثية في قبل النهائي.
في كأس العالم 2022، قدمت البرتغال أداءً قوياً، لكن ليس بفضل رونالدو، الذي جلس على مقاعد البدلاء في أدوار خروج المغلوب قبل الخسارة في دور الثمانية.
أما ميسي، فتألق منذ البداية حتى النهاية.
وأصبح أول لاعب يُسجل في كل أدوار كأس العالم، إذ أحرز 7 أهداف بين دور المجموعات والنهائي، وسجّل هدفين أمام فرنسا في المباراة النهائية، ثم نفذ الركلة الأولى في ركلات الترجيح التي انتهت بفوز الأرجنتين 4-2.
وأخيراً، جلس ميسي جنباً إلى جنب مع دييغو مارادونا في قلوب جماهير الأرجنتين.
ولأسباب مختلفة، بدا أن بطولة 2022 ستكون نهاية الطريق في كأس العالم لكلا النجمين المخضرمين، لكن يبدو أنهما يستعدان لمحاولة أخيرة.
رونالدو وميسي... مَن يكسب في المونديال الأخير؟
بعد عقدٍ من المقارنات والإنجازات القياسية، يواصل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو كتابة تاريخٍ استثنائي، فيما يستعدان لخوض آخر ظهور لهما في كأس العالم.