هند زمامة ترفع العلم المغربي فوق قمة كارتنز في إنجاز عالمي جديد

المتسلقة المغربية هند زمامة تواصل تحدي القمم السبع وتبلغ قمة كارتنز بإندونيسيا، في إنجاز يتزامن مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء.

في لحظة مؤثرة تتزامن مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء والتتويج التاريخي لأشبال الأطلس في مونديال الشباب، تمكنت المتسلقة المغربية هند زمامة بفضل العزيمة والإصرار والمثابرة، من بلوغ قمة كارتنز الشاهقة بإندونيسيا، المحطة الخامسة ضمن القمم السبعة في العالم، رافعة العلم المغربي وصور جلالة الملك محمد السادس.

هند زمامة ترفع العلم المغربي فوق قمة كارتنز في إنجاز عالمي جديد


ففي إنجاز جديد يعزز مكانتها كأيقونة مغربية في عالم التحدي والمغامرة، نجحت المتسلقة هند زمامة، الأسبوع الماضي، في ربح الرهان، ورفع العلم الوطني المغربي على قمة كارتنز في إندونيسيا، التي تعد من أصعب القمم السبع في العالم، بارتفاع 4884 مترا. هذا الإنجاز لم يكن وليد الصدفة، بل امتداد لمسار حافل لمرأة حديدية مثابرة بدأ من قمة توبقال في جبال الأطلس، مرورا بكليمنجارو في تنزانيا (5895 مترا)، وأكونكاغوا في الأرجنتين التي تعتبر أعلى قمة في نصف الكرة الجنوبي بارتفاع (6962 مترا)، ثم قمة إلبروز في روسيا (حوالي 5642 مترا)، وأخيرا قمة إيفرست، أعلى نقطة على سطح الأرض (8849 مترا)، والتي بلغتها في شهر ماي الماضي، قبل أن تقرر مواصلة التحدي صوب القمم المتبقية.

ما يميز رحلة هند زمامة ليس فقط حجم التحديات الجغرافية والبدنية، بل السياق الإنساني الملهم الذي يحيط بها، فهي أم وجدة وسيدة أعمال ناجحة، ومع ذلك لم تسمح لهذه المسؤوليات أن تكون عائقا أمام شغفها الكبير بتسلق الجبال، بل جعلت منها دافعا إضافيا لتبرهن أن الطموح لا يعرف عمرا، ولا يتأثر بظروف أو أدوار اجتماعية. فهي بذلك تكسر الصور النمطية وتعيد رسم ملامح المرأة المغربية القوية والطموحة، التي تنافس في ميادين طالما اعتبرت حكرا على الرجال.

رحلة الوصول إلى قمة كارتنز لم تكن سهلة، بطبيعتها الصخرية المعقدة ومسالكها الضيقة التي تتطلب استخدام الحبال والكثير من التركيز والصلابة الذهنية، حيث مثلت هذه القمة واحدة من أكثر المحطات تحديا في مغامرات زمامة. إلا أن الإصرار الذي تحمله في قلبها، والرغبة في ترك بصمة مغربية في أعالي الجبال، جعلاها تتغلب على كل الصعاب، في تجربة وصفتها بأنها مختلفة عن باقي القمم، بطابعها الفريد وتحدياتها القاسية.

فعلى بعد حوالي 5 أشهر، من الإنجاز الكبير بإيفريست، قررت المتسلقة المغربية خوض المغامرة من جديد في إندونيسيا، لتؤكد شغفها بهذه الرياضة، وتعلن أن نجاحها لم يأتي من فراغ. وتقول هند زمامة "بعد إيفريست، واستراحة قصيرة، قررت أن أواصل التحدي لاستكمال بلوغ القمم السبعة، علما أن التحضير لكل قمة يتطلب انضباطا بدنيا ونفسيا خاصا".

واعتبرت زمامة أن لكل مغامرة تسلق نكهة خاصة، وتحديات بطعم مختلف، مشيرة إلى أن قمة كارتنز تعد بدورها من أكثر القمم وعورة وخطورة بسبب طبيعتها الصخرية ومسالكها المعقدة التي تتطلب رباطة جأش وعزيمة وصبر، لعبور المناطق الضيقة والمسالك الوعرة.

تزامن هذا الإنجاز مع احتفالات المغرب بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء والتتويج التاريخي لأشبال الأطلس في كأس العالم للشباب، منح لهذه اللحظة بعدا وطنيا عميقا، حيث عبرت زمامة عن فخرها الكبير بأن تكون جزءا من هذه اللحظة المغربية المضيئة، معتبرة أن رفع العلم الوطني في هذا التوقيت كان أعظم هدية تهديها لوطنها ولجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

هند زمامة ترفع العلم المغربي فوق قمة كارتنز في إنجاز عالمي جديد


قصة نجاح بروح العائلة..

آمنت المتسلقة المغربية بأن النجاح لا يقاس بإنجاز واحد، بل هو مسار متواصل من السعي والتحدي. فبعد أن بصمت على مسيرة مهنية ناجحة وبنت أسرة متماسكة، ترى في أبنائها الامتداد الطبيعي لكفاحها المتعدد، وفي حفيديها بذرة أمل ستنمو مع الأيام، كما نمت أحلامها هي فوق القمم. تؤمن أن الأجمل في الحياة ليس فقط أن تحقق ذاتك، بل أن تُلهم من يأتي بعدك ليحمل المشعل ويكمل الطريق، وأن تكون قدوة تُبرهن أن المرأة قادرة على أن تنجح في أكثر من مجال، دون أن تتنازل عن أنوثتها أو أدوارها الأسرية والإنسانية.

وتؤكد هند زمامة أن كل الصعوبات تزول لحظة وصولها إلى القمة، عندما تلامس قدماها صخور الجبل وهي متوشحة بالعلم المغربي بين ثنايا السحاب. هناك، تقول، يتحول التعب إلى فرح والفخر يغمر القلب، لتدرك أن كل لحظة وجع كانت جزءا من الحكاية الجميلة.

وتضيف أن خلف كل إنجاز تقف أسرة تشعل الحلم وتسانده، فدعم والديها اللذين تعتبرهما قدوة حياتها كان أول بذرة ثقة زرعت في قلبها حب المغامرة، وزوجها كان رفيقها في كل خطوة، يمنحها التوازن بين الحياة الخاصة وروح التحدي. أما أبناؤها وإخوتها وأصدقاؤها، فكانوا دائما مصدر قوة معنوية يشجعونها على خوض كل مغامرة جديدة بثقة وإيمان. كما لم تنس الإشادة بمدربيها الذين رافقوها في مسارها الطويل، مقدمين الدعم والتوجيه والتدريب اللازم للوصول إلى أعلى المستويات.

بالنسبة لهند زمامة، كل قمة تبلغها ليست فقط انتصارا شخصيا، بل ثمرة حب وتكاتف أسري، ورسالة تقول إن النجاح الحقيقي لا يولد في عزلة، بل في حضن العائلة التي تؤمن بقدرتك على التحليق، حتى وإن كان الطريق نحو السماء مليئا بالصخور والرياح.

وبينما تتحضر لهدفها القادم في استكمال تحدي القمم السبع، تواصل هند زمامة رسم ملامح قصة ملهمة تتجاوز حدود الرياضة، لتصبح رمزا للعزيمة والإصرار، ودليلا حيا على أن الإنسان، إذا آمن بحلمه، قادر على بلوغ أعلى المراتب.