تتجه أنظار عشاق كرة القدم في القارة الإفريقية، زوال اليوم الأربعاء 24 دجنبر 2025، ابتداء من الساعة الرابعة (توقيت غرينتش+1)، إلى ملعب مولاي الحسن بالعاصمة المغربية الرباط، الذي يحتضن صدامًا عربيًا يجمع المنتخب الجزائري بنظيره السوداني، في مواجهة تحمل أبعادًا تاريخية ونفسية تتجاوز مجرد ثلاث نقاط، ضمن افتتاح منافسات المجموعة الخامسة من نهائيات النسخة الـ35 لكأس إفريقيا للأمم، المقامة بالمغرب إلى غاية 18 يناير 2026.
وتُعد هذه المباراة أول مواجهة رسمية بين المنتخبين في تاريخ كأس أمم إفريقيا، رغم أنهما التقيا في ثماني مناسبات سابقة عبر مختلف البطولات، لم يتذوق خلالها منتخب الجزائر طعم الهزيمة، محققًا أربع انتصارات وأربع تعادلات، مع أفضلية هجومية واضحة بتسجيل 12 هدفًا مقابل ثلاثة فقط في مرماه.
ويدخل المنتخب الجزائري النهائيات تحت ضغوط كبيرة، بعد الخروج الصادم من دور المجموعات في النسختين الماضيتين (الكاميرون 2021 وكوت ديفوار 2023)، وهي خيبة لم يعتد عليها منتخب تُوج باللقب مرتين (1990 و2019)، ويمتلك تاريخًا غنيًا في القارة السمراء.هذا الإخفاق المتكرر أعاد الجدل داخل الشارع الرياضي الجزائري حول سقف الطموحات، خاصة بعد إعلان الاتحاد الجزائري لكرة القدم أن الهدف الأساسي يتمثل في “تجاوز الدور الأول”، وهو ما اعتبره البعض تقليلاً من قيمة منتخب بحجم الجزائر، في حين رآه آخرون طرحًا واقعيًا لتخفيف الضغط عن اللاعبين في ظل التجارب الأخيرة.
ولم يحسم المدرب البوسني فلاديمير بيتكوفيتش هذا الجدل، مكتفيًا بتصريحات دبلوماسية أكد فيها أن هدفه هو “الفوز في كل مباراة والذهاب إلى أبعد حد ممكن”.
وبالأرقام، خاض المنتخب الجزائري 80 مباراة خلال 20 مشاركة سابقة في كأس إفريقيا للأمم، حقق خلالها 28 فوزًا و24 تعادلًا، مقابل 28 هزيمة، مسجلاً 97 هدفًا واستقبل 93 هدفًا.
ورغم أن هذه الحصيلة لا تضاهي عمالقة القارة مثل مصر أو الكاميرون، إلا أن لقبي 1990 و2019 يظلان شاهدين على قدرة “محاربي الصحراء” على المنافسة متى توفرت الظروف المناسبة.
وتبرز مفارقة لافتة تتمثل في تسجيل الجزائر 13 هدفًا في كل من نسختي التتويج، حيث احتاجت إلى خمس مباريات فقط للتتويج على أرضها عام 1990، مقابل سبع مباريات في نسخة مصر 2019، ما يعكس تطورًا تكتيكيًا وقدرة أكبر على إدارة المباريات الكبرى.
تاريخيًا، يقدم المنتخب الجزائري مستويات أفضل عندما تُقام البطولة في شمال إفريقيا، إذ تُوج باللقب في الجزائر ومصر، واحتل المركز الثالث في نسخة المغرب 1988، بينما كان خروجه الوحيد من الدور الأول في شمال إفريقيا خلال نسخة مصر 1986، ما يعزز التفاؤل باستعادة التوازن في “كان المغرب”.
وتضم قائمة بيتكوفيتش 28 لاعبًا، من بينهم 16 شاركوا في نسخة 2023، و10 في نسخة 2021، و7 من أبطال نسخة 2019، في توليفة تجمع بين الخبرة والطموح. ويبرز من بينهم رياض محرز، وعيسى ماندي، ورامي بن سبعيني، وإسماعيل بن ناصر، الساعون لمعادلة الرقم القياسي للأسطورة رابح ماجر كأكثر اللاعبين الجزائريين مشاركة في النهائيات القارية (6 مرات).
في المقابل، يعود منتخب السودان إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا لأول مرة منذ 2021، مدركًا صعوبة المهمة في مجموعة تضم الجزائر، وبوركينا فاسو، وغينيا الاستوائية.
ورغم تاريخه العريق كأحد مؤسسي البطولة وأول المتوجين بها عام 1970، فإن نتائجه الحديثة لا تمنحه أفضلية كبيرة، بعدما حقق فوزًا واحدًا فقط في آخر 16 مباراة خاضها في النهائيات.
كما فشل المنتخب السوداني في تسجيل أي هدف خلال مبارياته الافتتاحية الثلاث الأخيرة في أمم إفريقيا، واكتفى بإحراز أربعة أهداف فقط في التصفيات، وهو الرقم الأضعف بين المنتخبات المتأهلة.
ويخوض مدربه كواسي أبياه ثالث تجربة له في النهائيات، مستفيدًا من خبرة سابقة، حيث لم يتلق سوى هزيمة واحدة في اللعب المفتوح خلال مشاركاته السابقة.
وسيكون المنتخب الجزائري مطالبًا بتحقيق الفوز لكسر سلسلة سلبية امتدت إلى ست مباريات دون انتصار في النهائيات، وهي الأطول في تاريخه، إذ إن أي تعثر جديد قد يعيد شبح الشك مبكرًا. في المقابل، سيدخل منتخب السودان اللقاء دون ضغوط كبيرة، معتمدًا على التنظيم الدفاعي ومحاولة استغلال أي هفوة.
السودان - الجزائر... صدام عربي في افتتاح المجموعة 5
يصطدم المنتخب الجزائري بنظيره السوداني في مواجهة عربية بنكهة تاريخية، ضمن افتتاح المجموعة الخامسة من كأس أمم إفريقيا 2025 بالمغرب، في مباراة تتجاوز حسابات النقاط إلى رهانات نفسية واستعادة الثقة.