قدّمت أرضيات ملاعب كأس إفريقيا للأمم المغرب 2025 صورة مشرّفة عن مستوى الجاهزية التقنية التي بلغها التنظيم المغربي، بعدما صمدت أمام التساقطات المطرية الغزيرة التي ميّزت الأيام الأولى من المنافسة، دون أن تؤثر على سير المباريات أو جودة الأداء داخل المستطيل الأخضر.
وخلال اليوم الثالث من النهائيات القارية، تحولت أرضيات الملاعب في الرباط وطنجة وفاس إلى حديث المتابعين والمنظمين، بعدما أثبتت قدرتها على امتصاص كميات كبيرة من مياه الأمطار، في وقت كانت فيه بعض الأصوات تراهن على تعثر المنافسة بسبب الأحوال الجوية غير المستقرة.
الانطباع الإيجابي لم يقتصر على الجماهير فقط، بل شمل أيضًا خبراء الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، الذين وقفوا على فعالية أنظمة تصريف المياه المعتمدة، والتي حالت دون أي تجمع للمياه فوق العشب، وضمنت استمرارية المباريات في أفضل الظروف التقنية.
ويعود هذا النجاح إلى اعتماد المغرب على تجهيزات متطورة تراعي خصوصية التحولات المناخية التي تعرفها المملكة في السنوات الأخيرة، حيث جرى تزويد الملاعب بأنظمة ذكية قادرة على التعامل مع تدفقات المياه مهما بلغت شدتها، مع الحفاظ على توازن الأرضية وسلاسة حركة الكرة.
كما ساهمت المقاربة المعتمدة في صيانة العشب الطبيعي في تعزيز صموده، من خلال برمجة عمليات صيانة دقيقة بعد كل استعمال، سواء عقب الإحماءات أو بين شوطي المباريات، بما يضمن بقاء الأرضية في حالة مثالية دون المساس بجماليتها.
واعتمدت الجهات المشرفة على الملاعب على تقنيات زراعية مدروسة، تقوم على ملاءمة نوعية البذور مع الفصول المناخية، عبر استعمال بذور الشتاء خلال الخريف، وبذور الصيف مع بداية الموسم الحار، ما يمنح العشب تماسكًا أكبر وقدرة أعلى على مقاومة التلف.
من الناحية التقنية، جرى تصميم أرضيات الملاعب وفق بنية متعددة الطبقات، تشمل دعامة سفلية، ونظامًا متقدمًا لتصريف المياه، إضافة إلى طبقات رملية وحصوية تؤدي دورًا أساسيًا في امتصاص المياه ومنع ركودها فوق السطح.
كما تم اعتماد حلول مستدامة، تقوم على تجميع مياه الأمطار في خزانات خاصة، وإعادة معالجتها واستعمالها في الري، إلى جانب نظام ذكي يتحكم في كميات المياه حسب الحاجة الفعلية للعشب. ولمواجهة انخفاض درجات الحرارة وقلة أشعة الشمس في بعض الفترات، جُهّزت الملاعب بتقنيات تدفئة حديثة تحافظ على جودة العشب واستقراره.
بهذه المقومات، نجحت الملاعب المغربية في إسكات المشككين، وأكدت أن التحضيرات التي سبقت تنظيم كأس إفريقيا، تندرج ضمن رؤية بعيدة المدى، لا تقتصر على هذه البطولة فقط، بل تمتد أيضًا إلى الاستحقاقات الكبرى المقبلة، وعلى رأسها كأس العالم 2030.